شكلت حركة المعطلين الصحراويين حملة الشواهد والدبلومات (بمختلف جمعياتها) تعبيرا “فئويا” عن مقاومة نتائج التطبيق”القطاعي” للمخططات الليبرالية اللاشعبية، خاصة في قطاع التعليم (تكييف النظام التعليمي لحاجيات الشركات الرأسمالية وتسليع الشواهد بإفراغها من مضمونها العلمي وإخضاعها لقانون العرض والطلب) و في قطاع الوظيفة العمومية (تقليص جذري للتوظيف تمهيدا لتفكيك تدريجي لنظام الوظيفة العمومية عبر تسليع الخدمات العمومية وتفويت تدبير مرافقها إلى ال??قاولات الرأسمالية)، فان نتائج تعميم المخططات الليبرالية وأزمة الرأسمالية (فشل تكيف الدولة والمقاولات مع نتائج السياسات الليبرالية) قد حول البطالة من بطالة “فئوية” و” مؤقتة” إلى بطالة جماهيرية ودائمة. وهو تحول خلق قاعدة اجتماعية واسعة من العاطلين ويوفر الشروط الموضوعية لتشكيل حركة اجتماعية جماهيرية للنضال ضد البطالة والإقصاء الاجتماعي.
وأمام استمرار السلطات المغربية في الدوس على الحق في الاحتجاج السلمي عبر انتهاج أسلوب الاستهداف المباشر للمعطلين المشاركين بالوقفات الاحتجاجية بالقمع المفرط بغرض ثنيهم عن مواصلة الدفاع عن حقوقهم المكفولة بقوة القانون الدولي الذي ينص على احترام الحق في الشغل وكرامة الإنسان من الامتهان والاحتقار، ثم استمرار الدولة المغربية في تجاهل المطالب الشرعية لعموم جماهير المعطلين الصحراويين المندرجة في سياق الطبيعة السياسية التي تتعاطى بها الدوائر الرسمية مع كافة الصحراويين الذين يرزحون تحت براثن الإقصاء و التمييز العنصري، في الوقت الذي تروج فيه ألة المخزن الدعائية للاستقرار المزيف الذي لا ينعكس سوى على بطانة المخزن الفاسدة، في حين يعاني المعطلين و الفئات الاجتماعية المسحوقة من جحيم الإقصاء الاجتماعي. لعل ذلك ما عكسه المكتب الشريف للفوسفاط ممثلا في شركة “فوسبوكراع” التي فرضت شروطها الاقصائية الغير منسجمة مع الواقع الاقتصادي السائد بالمنطقة المتسم بالضعف البنيوي نتيجة حالة اللا استقرار.
ردا على سياسات الإقصاء والتهميش الممارسة تجاههم من طرف الجهات الوصية على ملف التشغيل بالمنطقة بدأت المجموعات الأربع المشكلة للتنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون ( التنسيقية المحلية للأطر الصحراوية المعطلة، مجموعة الّأمل للمعطلين الصحراويين، مجموعة سكيللس ساحارا، مجموعة النهضة للمعطلين الصحراويين ) التظاهر بدأ من 6 يناير كانون الأول 2016 ، خاصة مع غياب أي جديد بخصوص التعهدات الحكومية لتشغيلهم.
وفي ما يلي كرونولوجيا لأهم أحداث تلك الاحتجاجات، واجهتها السلطات الإدارية والأمنية بالعيون بالمنع والقمع بكافة أشكاله.
بعد أن قاموا بتنظيم وقفات احتجاجية سلمية في أحياء مختلفة بمدينة العيون في وقت واحد خلال مطلع شهر يناير كانون الثاني الجاري.. سعى التنسيق الميداني في 6 يناير كانون الثاني إلى عقد ندوة صحفية حول “الإقصاء من عمليات التشغيل والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” بمقر الاتحاد المغربي للشغل وسط المدينة ، لكن الشرطة ورجال الاستعلامات العامة حاصروا المكان و أغلقوا المنافذ والدروب حيث سجلت مجموعة من الفعاليات الحقوقية والنقابية والصحفية هذا المنع غير المبرر.
وكرد فعل تظاهر الأطر الحاصلين على الماستر بشارع السمارة ، ربطوا أنفسهم بسلالسل حديدية حيث كان رفاقهم في الوقت ذاته يجسدون وقفات احتجاجية سلمية داخل أحياء شعبية متفرقة بالمدينة، تعبيرا منهم عن القيود التي يعانون منها منذ فترة طويلة بسبب انعدام أي حل في الأفق وانسداد باب الحوار في وجههم، وتدخل من جديد عناصر من الشرطة بزي مدني ورسمي مع القوات المساعدة لفض إعتصام الأطر العليا.
12 يناير كانون الثاني ، أعلن 25 معطلا خوضهم إضرابا مفتوحا عن الطعام وذلك بمقر فرع جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان.
في 18 من يناير كانون الثاني وبعد ستة أيام من إضرابهم عن الطعام ومع تنامي المظاهرات التي نظمها مناضلات ومناضلو التنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين مع عائلات المعطلين ومواطنين متضامنين قامت السلطات المغربية بمحاصرة العمارة التي يتواجد بها المعطلون المضربون عن الطعام.
في نفس اليوم قامت السلطات بمنع المضربين الذين يتم نقلهم إلى المستشفى من العودة إلى مقر الجمعية، مانعة المضربين عن الطعام من حق الاستفادة من الزيارات العائلية و التواصل مع الصحافة و المنظمات الحقوقية و الإنسانية. ليتناقص بالتالي عدد المضربين.
في 19 يناير كانون الثاني وضعت عائلات المضربين شكايات لدى الوكيل العام لملك المغرب ، وفي اليوم الموالي قام هذا الأخير بزيارة المضربين مرفوقا ببعثة ضمت أربع أطباء الذين أكدوا للمضربين مشروعية احتجاجهم السلمي.
20 يناير كانون الثاني ، عززت السلطات المغربية من إجراأتها الأمنية حول العمارة ومنعت المتعاطفين مع المضربين من دخولها كما منع جميع المضربين عن الطعام من العودة من المستشفى لمقر الجمعية للإستمرار في إضرابهم و لجوئها إلى إستعمال القوة المفرطة في بعض الأحيان ضد المضربين كما هو الشأن لحالة المعطل الصحراوي المضرب عن الطعام “حسنا بوركبة”، جراء تعرضه للضرب المبرح و السحل بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني، كما لجأت السلطات المحلية بتواطئ مع المكتب الوطني للكهرباء إلى قطع التيار الكهربائي عن الشقة التي تضم مقر جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، ومنع المضربين عن الطعام من مجرد التزود بالماء و السكر في بعض الأحيان.
انتدب المضربون أربعة منهم للذهاب إلى الولاية ولقاء رئيس الجهة وهو ابن شقيق رئيس الكوركاس وابن أخ رئيس المجلس البلدي
فبتاريخ 25 يناير/كانون الثاني2016، وبعد الخطوة التصعيدية التي أعلن عنها المضربون عن الطعام المتعلقة بامتناعهم عن تناول الماء و السكر، تدهورت الأحوال الصحية للمضربين عن الطعام بشكل يبعث على القلق البالغ حول مصير حياتهم، مما حدا بالتنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين إلى اتخاذ موقف تعليق الإضراب نظرا للاعتبارات السالفة و تجاوبا مع صرخات عائلات المضربين، والمبادرة الإيجابية التي قام بها رئيس جهة العيون الساقية الحمراء “حمدي ولد الرشيد حين ربط اتصالات عن طريق مقربين منه مع المعطلين الذين لا زالوا مضربين عن الطعام داخل مقر جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان بالعيون، واقترح عليهم أن يقوم بزيارتهم داخل معتصمهم وأن يغادروا برفقته مقر الجمعية، على أساس أن يكون هو الضامن لتلبية مطالبهم، رافضا التوقيع معهم على أي محضر حول ذلك.”
وقد حظي هذا الإضراب بتغطية إعلامية واسعة، كما حظي بحركة تضامنية وإسناد شعبي واسع من قبل ذوي المضربين ومناضلات ومناضلو التنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين، فيما اعتبر هذا الإضراب نقطة تحول إستراتيجية في المسيرة النضالية السلمية التي تخوضها حركة المعطلين الصحراويين.
واصل التنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين بالعيون بعد تعليقه الإضراب عن الطعام احتجاجاته السلمية المنددة بجريمة الاغتيال السياسية لشهيد حركة المعطلين الصحراويين “إبراهيم صيكا”، والمطالبة بضرورة تقديم جميع المتورطين في تعذيبه للمحاكمة إعمالا بمبدأ عدم الإفلات من العقاب، وأخرى تنادي باحترام الحق في التظاهر والاحتجاج السلميين، وللتنديد بالقمع الذي يطال المعطلين من طرف المخزن في مختلف أماكن تواجدهم.
والاستجابة العاجلة للمطالب الاجتماعية العادلة والمشروعة للمعطلين الصحراويين في الشغل والعيش الكريم. وتجديد الإستنكار بالشروط الاقصائية المجحفة التي فرضها المكتب الشريف للفوسفات على الآلاف المعطلين الصحراويين. والمطالبة بتمكين المعطل الصحراوي محمد عالي ماسيك من الحق في العلاج.
أمام هذا الزخم النضالي البطولي المستمر والمتنامي لجأ رئيس جهة العيون الساقية الحمراء “حمدي ولد الرشيد”بإيعاز من السلطات المغربية لنفس المقربين منه أعضاء المكتب التنفيذي للتنسيقية المحلية للأطر الصحراوية المعطلة مرة أخرى الذين شرعوا في بيع نضالات وتضحيات التنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين مقابل 24 كونطرا بنقط القراءة خطوة خطوة، ويتنازلون درجة درجة، ويخلقون لذلك المبررات والأعذار. دون إعطاءهم علم لباقي رفاقهم.
: تقول الرواية ياسادة ياكرام وياسامعين الصوت والكلام
أن بعض أطرنا العليا المكلفة بملفنا ابدعو في ابتداع قصص الخيانة، محاولين تجديد ابتكارها…ولكن أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر.
لا تنتظر مني أن أقول أنك خائن، ولا تنتظر مني أن أبرر خيانتك، فالأسهل من ذلك أن تبحث عن كرامتك تحت ما خلفته
… حماقتك من ركام
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.