طرفاية – مراسل: عزيز اليوبي
أثار توقيف شاحنة محمّلة بالأسماك بإقليم طرفاية، جدلًا واسعًا في أوساط مهنيي القطاع البحري والهيئات الحقوقية، بعد أن رافق العملية ارتباك واضح في تطبيق المساطر القانونية، وقرارات متناقضة طرحت أكثر من علامة استفهام حول احترام القانون وحماية المستهلك.
ففي يوم الأحد 14 دجنبر 2025، أوقفت عناصر الدرك الملكي شاحنة من نوع “رموك” محمّلة بالأسماك، قادمة من مدينة الداخلة في اتجاه مدن الشمال، وذلك على مستوى نقطة التفتيش واد الواعر التابعة لجماعة أخفنير بإقليم طرفاية، عقب إخضاعها لإجراءات المراقبة الأولية المعمول بها.
وعلى إثر ذلك، جرى توجيه الشاحنة إلى المركز الترابي للدرك الملكي بطرفاية، قبل إدخالها إلى ميناء المدينة قصد التحقق من طبيعة الحمولة، بحضور لجنة مختلطة ضمّت ممثلين عن مندوبية الصيد البحري، المكتب الوطني للصيد البحري، السلطات المحلية، الدرك الملكي البحري، البحرية الملكية، القوات المساعدة، الطبيب البيطري، إلى جانب ممثلي المجتمع المدني.
غير أن مجريات هذه العملية أخذت منحى مثيرًا للجدل، بعدما تم، حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف ليلًا، إخراج الشاحنة من داخل الميناء وتوجيهها مجددًا نحو مركز الدرك الملكي، دون استكمال الإجراءات القانونية المفروضة، وفي غياب أي قرار رسمي واضح من طرف مندوبية الصيد البحري، التي اكتفت بالمشاهدة دون تفعيل اختصاصاتها القانونية في مراقبة وتتبع المنتوجات البحرية.
هذا التحرك الليلي المفاجئ فتح باب التساؤل حول الجهة التي أصدرت قرار إخراج الشاحنة، والأساس القانوني الذي استندت إليه، خاصة وأن الأمر يتعلق بمواد غذائية موجهة للاستهلاك، يفترض أن تخضع لمراقبة صارمة ومتواصلة ضمانًا لسلامة المستهلكين.
وقد عبّرت هيئات حقوقية وجمعية العبور لحماية المستهلكين بإقليم طرفاية عن استنكارها لما وصفته بـ“الاختلالات الخطيرة” التي شابت هذه العملية، معتبرة أن ما جرى يسيء إلى مبدأ الشفافية ويضرب في العمق مصداقية أجهزة المراقبة، محمّلة الجهات المختصة كامل المسؤولية، ومطالبة بتوضيح رسمي للرأي العام المحلي والوطني.
ولم تتوقف فصول هذه القضية عند هذا الحد، إذ تم صباح يوم الاثنين 15 دجنبر 2025 إدخال الشاحنة من جديد إلى ميناء طرفاية، من أجل استكمال الإجراءات القانونية، حيث جرى تفريغ الحمولة بسوق السمك داخل الميناء للتأكد من نوعية وكميات الأسماك، وذلك بحضور مدير المكتب الإقليمي للصيد البحري، في حدود الساعة الواحدة والنصف زوالًا.
هذا التناقض في القرارات، بين إخراج الشاحنة ليلًا وإعادتها صباحًا، أعاد طرح سؤال جوهري: من يتحمّل مسؤولية هذا الارتباك؟ ولماذا لم تُنجز الإجراءات القانونية كاملة منذ اللحظة الأولى للتوقيف؟
وفي هذا السياق، طالبت الهيئات الحقوقية والجمعوية بفتح تحقيق عاجل وجدي للوقوف على جميع الملابسات المرتبطة بهذه القضية، وتحديد المسؤوليات بشكل واضح، وترتيب الجزاءات التأديبية والقانونية في حق كل من ثبت تورطه أو تقصيره، بما يضمن احترام القانون، وحماية صحة المواطنين، وترسيخ مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، بعيدًا عن أي تهاون أو انتقائية في تطبيق المساطر.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.



