“زلزال الحوز”: حين تتحول البطائق الوطنية إلى أداة إقصاء

Boufdam Brahim12 يونيو 2025Last Update :
“زلزال الحوز”: حين تتحول البطائق الوطنية إلى أداة إقصاء

 

تُعد الكوارث الطبيعية من أكبر المحن التي تواجه المجتمعات، إذ لا تفرق بين أحد في لحظة وقوعها. لكن ما يزيد من مأساة المتضررين هو الإقصاء والحرمان من حقوقهم الأساسية في التعويض والدعم، كما هو الحال مع العديد من الأسر التي تضررت من “زلزال الحوز”، خصوصًا في جماعة وقيادة أسني.

إن من أكبر مظاهر الظلم التي تعرضت لها هذه الأسر هو إقصاؤها من التعويضات بسبب عناوين بطائقهم الوطنية، التي تتضمن المدن التي يعملون فيها. رغم أن العديد منهم لا يملكون سوى منازلهم التي دُمرت جراء الزلزال في المناطق المتضررة، تُحرَم هذه الأسر من التعويضات بحجة أن بطائقهم الوطنية مسجلة في أماكن عملهم بالمدن.

هذا الإقصاء الإداري يُعد جرحًا جديدًا يُضاف إلى جراح هذه الأسر التي فقدت الكثير، إذ لا يقتصر الضرر على خسارة الممتلكات فحسب، بل يمتد ليشمل حرمانها من الدعم الذي من المفترض أن يخفف من آثار الكارثة عليها. كيف يعقل أن تُحرم أسرة كاملة من تعويض تستحقه، فقط بسبب عنوان في بطاقة التعريف الوطنية؟! وفي المقابل، تستفيد أسر أخرى تسكن في منازل مهجورة وفي استطبلات الحيوانات؟

إن هذه السياسة الإقصائية تُبرز مدى هشاشة منظومة التعويضات وغياب العدالة الاجتماعية في توزيع الدعم. كما تؤكد على قصور فهم الجهات المعنية لواقع الأسر المتضررة، التي تتنقل بين أماكن العمل والسكن، وغالبًا ما ترتبط بالعمل في المدن بسبب غياب فرص الشغل في القرى والمداشر.

على الجهات المسؤولة أن تُدرك أن حجم المأساة لا يُقاس فقط بموقع البطائق الوطنية، بل بالحالة الإنسانية التي تعيشها الأسر المتضررة وبمدى المعاناة التي تواجهها على أرض الواقع. منازل انهارت بالكامل، وأسر باتت مهددة بالتشرد، وأفرادٌ فقدوا مأواهم وكرامتهم؛ هذه هي الحقيقة التي يجب أن تستند إليها السياسات الحكومية.

آن الأوان لإعادة النظر الفورية في معايير الاستفادة من التعويضات، بحيث لا يكون القيد الإداري عائقًا أمام حق إنساني بحت. وندعو إلى تعميم التعويضات لتشمل جميع المتضررين دون تمييز أو إقصاء، وإلى اعتماد معايير أكثر مرونة تراعي تنقلات الأسر وحياتها اليومية.

إن معاناة هذه الأسر ليست فقط مأساة فردية، بل هي تذكير صارخ بضرورة إعادة النظر في آليات التعويضات، وتطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية التي هي ركيزة أي مجتمع حضاري. إن الحق في التعويض ليس ترفًا، بل هو حق أساسي يعكس مدى اهتمام الدولة بمواطنيها وحرصها على كرامتهم وعيشهم الكريم.

في الختام، تبقى هذه المعاناة دعوةً ملحةً للمسؤولين لاتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة تُسهم في تحقيق العدالة والإنصاف، وتسوية الملفات العالقة للأسر المقصية والمحرومة من التعويضات، مع وضع حد لهذه التجاوزات التي تزيد من معاناة المتضررين بدلاً من تخفيفها، إذ إن الكوارث لا تميز بين الناس، بينما الظلم والتمييز يفاقمان حجم الأضرار وتأثيرها على المتضررين.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading