ظهرت النزعة الاستبدادية عند أردوغان في أوضح مجاليها مباشرة بعد تدخل القوات الأمريكية لاسقاط المروحيات التركية المحلقة أثناء لحظات الانقلاب كما لو كانت ذبابا..قرأنا مقالا في هذا الاتجاه منشورا بالموقع الفيسبوكي العراقي “حدث الآن2” ونقلته جريدة الكترونية مغربية..فها هو يشهر عصا الانتقام في وجه أكثر من 1500 أستاذ تركي اشتبه في انتمائهم أو تعاطقهم مع غولن..هذا الاجراء الانتقامي طال كذلك أساتذة جامعيين وعمداء ورؤساء جامعات تركية علما أن العادي والبادي شاهدا جنود الانقلاب وهم يساقون كالحمير الى الزنازن قبل أن يتعرضوا لمعاملات مذلة ومهينة مارسها عليهم ما يسمى بالشعب الأردوغاني وليس الشعب التركي، على خلاف انكشارية العدالة والتنمية في نسختها المغربية التي انساقت الى نسبة هذه الأعمال الحقودة الى الشعب التركي باعتبار الضحايا خونة.
أنا أنطلق مما يرد علينا من أخبار طازجة..قرأت بعيني هاتين التي سوف يأكلهما الدود انكشارية العدالة والتنمية يعلقون شامتين في من طالهم القمع الأردوغاني وأجمعت كل التعاليق على أن هؤلاء يستحقون ما جرى لهم لأنهم خونة..فعلا، كانت التخوفات التي عبر عنها بعض النشظاء والملاحظين المحايدين معقولة وأذكر من بينهم جليل طليمات الذي كتب في ندوينة له عن الانقلاب ما يلي: “في تصريح له أمام حشود من المواطنين والصحفيين وصف الرئيس أردوغان الانقلاب الفاشل بأنه “نعمة من الله لتنقية الجيش من الانقلابيين ” و للحسم مع ” الدولة العميقة” , كما سماها ..
ولا شك في أن الأعداد الضخمة للمعتقلين ,من ضباط وقضاة ومعارضين سياسيين ,والتي تجاوزت 6000 معتقلا خلال 48 ساعة فقط , هو ما يفسر المخاوف التي أبدتها عدة دول وهيئات ورأي عام دولي من إسثتمار أردوغان فشل الانقلاب للانتقام من معارضيه , وتجاوز الضوابط القانونية والدستورية في التعاطي مع مدبري حركة الانقلاب ..
أمام أردوغان إن أراد أن يتفاعل إيجابا مع ما برهن عنه الشعب التركي بمختلف مكوناته من تشبث بالخيار الديمقراطي كتداول سلمي للسلطة خياران لا ثالث لهما : _ إما “ركوب رأسه ” مدفوعا بنشوة فشل الانقلاب , والدخول بالتالي في مسلسل من التصفيات لجميع خصومه ومعارضيه بمن فيهم من أدانوا الانقلاب , وهذا ما سيضع التجربة الديمقراطية التركية برمتها في ” خبر كان”..
1_ وإما مراجعة نقذية جذرية لمجمل عناصر نهجه السياسي, داخليا وخارجيا بما يعيد الاعتبار لما كان يسمى إلى وقت قريب ب ” النموذج التركي ” في التنمية والديمقراطية , ويفرض هذا الخيار من بين ما يفرضه على الرئيس: 1 : تحرير خطابه من مفردات النزوع نحو الانتقام , ك « التنقية والتطهير”, وتوفير الضمانات القانونية في التعامل مع المتورطين في الانقلاب
2: التراجع عن نهجه السياسي التحكمى ذو النزوع ” السلطاني” الهيمني كما عكسته التعديلات الدستورية القاضية بإرساء نظام رئاسي .
3 : وقف دعمه للجماعات المسلحة في سوريا, وسحب جنوده من أرض العراق ,إن أراد أن تكون تركيا شريكا فعليا في محاربة داعش, وجزءا من الحل السياسي الذي يحمي دول المنطقة من التقسيم وهدر السيادة .. إن فشل الانقلاب لا يعني انتصارا لنهج وسياسات أردوغان بل, إنذارا قويا لمخاطر استمراره على ذاك النهج التحكمي داخليا, والتآمري خارجيا ضد وحدة دول المنطقة واستقرارها ..
وتحية للشعب التركي في دفاعه عن مكتسباته الديمقراطية في وجه الانقلابيين “
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.