العقوبات البديلة: من خيار تشريعي إلى رهان واقعي – المحكمة الابتدائية ببوجدور تفتح النقاش

abdelaaziz628 مايو 2025Last Update :
العقوبات البديلة: من خيار تشريعي إلى رهان واقعي – المحكمة الابتدائية ببوجدور تفتح النقاش

بوجدور – صالح داهي

في ظل التحولات العميقة التي تعرفها السياسة الجنائية المغربية، شهدت قاعة المحكمة الابتدائية ببوجدور يوماً دراسياً علمياً هاماً تمحور حول موضوع “العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية على ضوء القانون 43.22″، وذلك بحضور عدد من القضاة، وممثلي النيابة العامة، وأطر كتابة الضبط، وخبراء قانونيين، وممثلي المؤسسات السجنية.

اللقاء، الذي جاء في وقت يعرف فيه المغرب نقاشاً متزايداً حول إصلاح العدالة الجنائية، شكل مناسبة لتقييم أولي للإطار القانوني الجديد الذي أتى به القانون 43.22، وهو القانون الذي يروم إرساء عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية، في أفق تجاوز إشكالات الاكتظاظ السجني، وتعزيز إعادة الإدماج، وتحقيق عدالة أكثر نجاعة وإنسانية.

من الفكرة إلى التطبيق: نقاش قانوني واجتماعي

في كلمتي الافتتاح، شدد كل من رئيس المحكمة الابتدائية ببوجدور ووكيل الملك لدى المحكمة ذاتها على أهمية التحول الذي يحمله هذا القانون، باعتباره يعكس توجهًا عصريًا في فلسفة العقاب، من منطق الردع فقط، إلى منطق الإصلاح وإعادة التأهيل.

وشكل اللقاء فرصة لمناقشة الجوانب التطبيقية للعقوبات البديلة، من خلال ستة محاور علمية دقيقة شملت:

أنواع العقوبات البديلة كما وردت في القانون، مثل العمل للمنفعة العامة، والمراقبة الإلكترونية، والغرامة اليومية، والتقييد من بعض الحقوق؛

دور قضاة الحكم وتطبيق العقوبات في تتبع تنفيذها وضمان احترام الشروط القانونية؛

مهام النيابة العامة في اقتراح هذه العقوبات وتتبع تنفيذها ميدانيًا؛

مساهمة المؤسسات السجنية في تأهيل المحكوم عليهم ودعم البرامج البديلة؛

البعد الاجتماعي للعقوبات البديلة، وتوازنها بين إعادة تأهيل الجاني وضمان حماية الضحية.


تحديات تفعيل القانون

رغم ما يحمله القانون 43.22 من أفق واعد، فإن المشاركين في هذا اليوم الدراسي لم يخفوا وجود عدد من التحديات القانونية والإدارية واللوجستيكية، خاصة ما يتعلق بغياب بنيات تحتية كافية لتفعيل المراقبة الإلكترونية، والحاجة إلى تكوين مستمر للقضاة والموظفين حول آليات تنزيل القانون، إلى جانب ضرورة انخراط المجتمع المدني والقطاع الخاص في إنجاح العقوبات التي تتطلب اندماج المحكوم في محيطه الاجتماعي.

نحو عدالة أكثر توازناً

اليوم الدراسي لم يكن فقط مناسبة للتشخيص، بل كان أيضًا محطة لوضع خريطة طريق أولية نحو تفعيل أمثل لهذا القانون، مع التأكيد على أن تحقيق أهدافه يتطلب تعاونًا مؤسساتيًا واسعًا، يشمل القضاء، النيابة العامة، الإدارة السجنية، ومختلف الفاعلين المدنيين.

ويظل التحدي الأكبر، كما أجمعت عليه مختلف المداخلات، هو الانتقال من النص القانوني إلى الواقع العملي، من خلال إجراءات دقيقة، وموارد بشرية مؤهلة، ورؤية تشاركية تجعل من العقوبات البديلة أداة فعالة لتحقيق عدالة توازن بين الردع والإصلاح.



اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading