المكتب التنفيذي
بيان فاتح ماي
تخلد الشغيلة والطبقة العاملة عيدها الأممي في ظرف دولي مضطرب بسبب إصرار الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على فرض إملاءاتها على الشعوب المستضعفة بقوة السلاح والمال، متجاوزة بذلك كل المواثيق والأعراف والمؤسسات الدولية. حيث لا تزال الحرب الروسية الأوكرانية تلقي بظلالها على الاقتصاد والأمن الغذائي العالميين بالإضافة إلى التوتر في العلاقات الأمريكية الإيرانية والهندية الباكستانية والحرب بالسودان، واستمرار جيش الاحتلال الصهيوني ومرتزقته في حرق الأطفال الأبرياء والنساء داخل خيام النزوح بغزة العزة، تحت غطاء دولي مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الذين يمدون الكيان الصهيوني بالدعم العسكري والمادي ويقفون ضد تنفيذ قرارات المنظمات الدولية سواء بمجلس الأمن أو المؤسسات التابعة للأمم المتحدة المسؤولة عن اتّخاذ القرارات حول القضايا المتعلقة بحفظ السلام والأمن الدوليين، لتحقيق أهداف مجرم الحرب نتنياهو السياسية بتهجير شعب أعزل بكامله من أرضه، وإبادة جماعية في حقه في نسخة متطورة من الجرائم ضد الإنسانية من أجل التمكين لكيان صهيوني مجرم على أرض فلسطين الأبية.
ويحل العيد الأممي في بلدنا المغرب، في ظروف عصيبة كرست التضييق على العمال والعاملات بمزيد من الاستغلال القهر والظلم بسبب تغول أرباب المال والأعمال وتغلغلهم في دواليب الدولة والمؤسسات التشريعية ومناصب المسؤولية، برعاية حكومة الشركات التي سمحت للوبيات الاقتصاد بالتحكم في الأسعار وممارسة الاحتكار مقابل تعطيل مؤسسات الرقابة الدستورية وتوفير الحماية القانونية للفساد والمفسدين، ما أسهم في تردي واقع العمال والعاملات وعموم الكادحين في ظل ضغط اجتماعي غير مسبوق بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الأساسية رغم تراجعها على المستوى الدولي والضرب المتوالي للقدرة الشرائية وتعطيل السلم المتحرك للأجور.
وتتمظهر عبثية التسيير الارتجالي للحكومة وتراجعها عن شعاراتها وبرامجها من خلال الواقع المتأزم للقطاعات الاجتماعية والحيوية من صحة وتعليم وشغل وطاقة وغيرها، والتي لاتزال تراوح مكانها في المراتب المتأخرة وفق أحدث التقارير الدولية، هذا بالرغم من كل ما تم ضخه من أموال طائلة في برامج ومخططات اختير لها شعار “الإصلاحية” ثبت فشلها وعبثها.
إن استمرار الحكومة في تعنتها وتغولها باستغلال أغلبيتها العددية يجعلها بعيدة عن تنزيل المبادئ الدستورية وعلى رأسها بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، ويبدو أن الحكومة اختارت المضي قدما في الزحف على حقوق ومكتسبات العمال والأجراء، عبر الإخراج القسري للقانون التكبيلي للإضراب والذي يراد به منع الحق الدستوري في الاحتجاج والإضراب، والبدء في تفكيك منظومة التقاعد(إصلاح يراد به إفساد) وتقزيم معاشات العمال لتغطية عجز ليسوا مسؤولين عنه، ومواصلة تفويت الخدمات الحيوية كالماء والطاقة والصحة والتعليم للقطاع الخاص، وما يتبع ذلك من ارتفاع في الأسعار لأجل تحقيق الأرباح، وتعديل مدونة الشغل بما يضيق على حقوق وضمانات العمال ويخدم أرباب المال والأعمال، كل هذا يتم في تحد صارخ ومكشوف للشركاء الاجتماعيين واستخفاف بملاحظاتهم وآرائهم، وهو ما يجعل جلسات الحوار الاجتماعي ذات طابع شكلي وروتيني لا غير، تدعو إليها الحكومة متى تشاء، وتفرض فيها ما تشاء، أو تمرر ما تشاء دون الالتفات إلى مقترحات النقابات في استعلاء بئيس لا نظير له.
عطفا على ما سبق إننا في المكتب التنفيذي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب وتنزيلا لشعار المؤتمر الوطني الأخير المنعقد ببوزنيقة “وحدة النضال الحقوقي خيار استراتيجي”، ونظرا لما لعيد العمال من دلالة رمزية تاريخية لدى كل عمال العالم في الكفاح والنضال الوحدوي من أجل الحقوق المشروعة، فإننا نعلن ما يلي:
• نتقدم بأصدق عبارات التهاني للعاملات والعمال بالعالم وفي مقدمتهم الشغيلة المغربية ومؤازرتها في نضالاتها لتحقيق مطالبها المشروعة وتحصين مكتسباتها وحقوقها.
• نجدد تضامننا المطلق مع الشعب الفلسطيني والمقاومة الباسلة بغزة ونحيي الحركات الداعمة لها ونندد بالتواطؤ المخز والمكشوف للأنظمة العربية المطبعة والمنبطحة؛
• ندعو الحكومة إلى الاستجابة الفورية للمطالب العادلة للشغيلة ومأسسة الحوار الاجتماعي وبتنفيذ الاتفاقات والالتزامات بالحوارات القطاعية؛
• نطالب الحكومة بتحسين الدخل عبر الزيادة في الأجور، وإرساء منظومة ضريبية عادلة ومنصفة تقطع مع ظاهرة التهرب الضريبي وتخفف من العبء الضريبي على الأجراء وذوي الدخل المحدود؛
• نندد بالمقاربة الانفرادية التي تنتهجها الحكومة في وضع تشريعات تراجعية تضرب مكتسبات الشغيلة (القانون التكبيلي لممارسة حق الإضراب، ودمج صندوقي CNOPS وCNSS، وقانون تخريب صناديق التقاعد…) وتحميلها الطبقة العاملة عبء فشل سياساتها المتعاقبة؛
• نندد بالتضييق على الحريات النقابية المتمثل في ضرب الحق في الانتماء النقابي والطرد التعسفي للنقابيين وامتناع السلطات عن تسليم وصولات الإيداع المتعلقة بالتصريح بالمكاتب المنتخبة وقمع المناضلين، وندعو إلى إصلاح تشريعي حقيقي ينظم العلاقات الشغلية ويقطع مع الهشاشة والاستغلال. كما لا يفوتنا أن نعلن دعمنا وتضامننا مع كل المعطلين دفاعا في حقهم في شغل يحفظ كرامتهم؛
• نطالب الحكومة بضرورة مراجعة مشروع قانون المسطرة الجنائية ولاسيما المادة 3 منه والتي تمنع الجمعيات الحقوقية من تحريك دعاوى ضد المفسدين وحصر ذلك لصالح مؤسسات السلطة التنفيذية الشيء الذي يمكن اعتباره شرعنة للفساد، كما نندد بسحب مقتضيات تجريم الإثراء غير المشروع منه حماية للفساد والمفسدين؛
• نطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والنشطاء النقابيين ومعتقلي قضية مناهضة التطبيع، وبوقف الانتهاكات الحقوقية وضمان حرية الرأي والتعبير والتنظيم؛
• نحيي المرأة العاملة المكافحة من أجل لقمة العيش الكريم، ونطالب الدولة بإنصاف النساء العاملات وبحمايتهن من كافة أشكال الاستغلال والتمييز؛
• ندعو مناضلاتنا ومناضلين إلى المشاركة المكتفة في المسيرات الاحتجاجية التي ستنظم تخليدا لعيد العمال الأممي؛
وإذ نستنكر سياسة الحكومة الرجعية والإقصائية فإننا نجدد الدعوة لتشكيل جبهة موحدة للتصدي للمخططات الرامية إلى ضرب مكتسبات الطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي، ولمواجهة تغول أرباب المال والأعمال على كل القطاعات والحد من ظاهرة زواج السلطة بالمال وتضارب المصالح واستغلال المناصب.
المكتب التنفيذي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.