كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب أمام أعضاء مجلس النواب المكسيكي

abdelaaziz625 فبراير 2025Last Update :
كلمة السيد راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب أمام أعضاء مجلس النواب المكسيكي

السيد الرئيس والزميل العزيز Sergio Gutiérrez Luna

رئيس مجلس النواب في كونغرس الاتحاد المكسيكي
السيدات والسادة البرلمانيين ؛
السيدات والسادة،

تغمرني سعادة خاصة كلما حللت في هذه الأرض الجاذبة، أرض المكسيك الجميلة، وكلما تواجدتُ في هذه البلاد المفعمة بالحيوية، وبين نخبها النشطة التي تقود بناءً حضاريًا في مختلف المجالات، في وفاء تام لتاريخ وغِنَى وتنوع هذا البلد العريق، الصديق للمغرب.
أشكركم، السيد الرئيس، جزيل الشكر، لأنكم مَكَّنْتُمُوني وزملائي رؤساء الفرق والمجموعة النيابية، الذين يرافقونني، والذين يمثلون مختلف الكتل السياسية في مجلس النواب المغربي، من المعارضة والأغلبية، من أن نتقاسم لحظات من الحوار الودي والنقاش الأخوي.
وتزداد سعادتي، وأنا أتشرف باعتلاء هذه المنصة ومخاطبة زميلاتي وزملائي في مؤسستكم التشريعية الموقرة، لأنقل لكم من زملائكم المغاربة، عبارات التقدير الفائق، والامتنان الوافر، والإعجاب الكبير، بما تحققه بلادكم من تطور وازدهار.

السيد الرئيس
الزميلات والزملاء،

ليست قوة بلادكم ومكانتها الدولية والإقليمية، واقتدارها، وليد الصدفة. إنها تجسيد لعمق حضاري، ولعراقة ثقافية، ولتنوع وتثاقف acculturation فريد، ولقدرة على التوليف بين حداثة منفتحة ومفتوحة على العصر، وتقاليد متعددة الروافد.
وقد تَفَوَّقَ شعبُ المكسيك، وقواه الحية، السياسية والاقتصادية، ونخبُه المثقفة، في استثمار كل هذا الرصيد الغني، في بناء اقتصاد قوي ومتنوع، وديموقراطية متطورة، وتماسك اجتماعي مثير للإعجاب.
ومن مؤشرات نجاحات بلادكم تموقعها ضمن أقوى الاقتصادات الصاعدة في العالم، وتمكنها من تحقيق نسبة عالية في الادماج الاجتماعي، حيث يعتبر معدل البطالة لديكم من بين الأقل في العالم. إنه عربون على حيوية اقتصادكم الواعد.

وقد مكنت هذه المكانةُ، وهذا الاقتدار، المكسيكَ، من أن تكون ركيزة استقرار إقليمي ؛ ذلكم أن حالة بلدكم هي أيضا قصة نجاح.

السيد الرئيس،
الزميلات والزملاء،

لئن كانت الولايات المتحدة المكسيكية والمملكة المغربية، تنتميان إلى قارتين متباعدتين، فإنهما تتقاسمان، مع ذلك، نفس القيم، ونفس الانشغالات، ويتجندان لمواجهة نفس التحديات.
فَكَوْنُ المكسيك تقع على الحدود مع أكبر قوة اقتصادية واستراتيجية عالمية جاذبة، الولايات المتحدة الأمريكية، وكون المغرب البلد الأقرب جغرافيا واقتصاديا إلى الاتحاد الأوروبي، إذ لا يفصل بلادنا عن إسبانيا سوى 14 كلم عبر مضيق جبل الطارق، يجعل منهما بَلَدَينِ مُطَالَبَينِ بتدبير الهجرة الوافدة، إذ يفخران باعتمادا سياسات في مجال الهجرة، إنسانية، متضامنة، دامجة، ومراعية للسياقات ولظروف الناس.
ونواجه معًا تحدي انعكاسات الاختلالات المناخية، وكِلاَنا يواجه تحدي الإرهاب والجريمة المنظمة، ويوظفان من أجل ذلك موارد مالية ولوجستيكية وبشرية هامة، حمايةً لأمنهما ولأمن المجتمع الدولي.
ويتقاسمُ بَلَدَانَا قِيماً ومبادئ وثقافة، ويحرصان على صيانتها. في مقدمة ذلك، الإرث الثقافي الإيبيري – المتوسطي، والذي تعتبر اللغة الإسبانية حَامِلَهُ الأساس، والقناة، والخزان الذي حافظ عليه وطوره لقرون.
يتعلق الأمر، إذن، بصداقةٍ مبنيةٍ على عمق ثقافي – قيمي، رمزي، إنساني ومستدام.
وإن مما يُيسّر متانةَ علاقاتنا ويفتح أمامها آفاق أرحب، مَوْقِعَا بلدينا البَحْرِيَّيْن الاستراتيجيين مما يجعلهما قاعدة مبادلات وحلقات وصل بين كبريات الاقتصادات العالمية، وبين قارتين واعدتين. فلنجعل من البحار، إذن، قناة تواصل ومبادلات وانسياب للبضائع، ونحن الذين نتوفر معًا على ثقافة بحرية عريقة.
وينبغي لنا أن نحرصَ على استثمار مجموع هذه العوامل لمواجهة التحديات المشتركة والارتقاء بتعاوننا وعلاقاتنا السياسية إلى ما يطمح إليه شعبانا، ومواصلة العمل سَوِيًّا من أجل علاقات دولية عادلة أساسُها احترام القانون الدولي، وتسوية النزاعات بالطرق السلمية، واستتباب السلم والأمن في العالم، خاصة من خلال احترام سيادة الدول ووحدتها الترابية باعتبارها حجر الزاوية في العلاقات الدولية.

السيد الرئيس
السيدات والسادة،

كونوا على يقين بأن لكم في إفريقيا، القارة الواعدة بإمكانياتها ومواردها، وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط، وفي موقع مَفْصَلي بين أروبا وإفريقيا والشرق الأوسط، بلدًا صديقا حيثُ يلتقي الشرقُ والغربُ، وحيث ينتهي الجنوب ويبدأ الشمال.
هذا البلد/الملتقى الذي عرف حضارات عديدة من الأمازيغ، والفنيقيين، والوَنْدال، والرومان، والعرب، والإيبريين وغيرهم، هو واحد من أعرق الدول في العالم، ومَلَكِيَّتُهُ يزيد عمرها عن 14 عشر قرنا، وهويته مزيج حضاري وتاريخي متنوع.
هذه المملكة التي يقودها اليوم صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الملك الإصلاحي، الذي يقود ويرعى إصلاحات، جعلت المغرب بلدًا صاعدًا، ونموذجا لديموقراطية متأصلة، تعتمد بالأساس على تاريخها وعلى مواردها البشرية، مؤطرة برؤية حصيفة متبصرة.
وبقدر حرصها على إنجاز التنمية المستدامة، وبناء اقتصاد أخضر، بقدر حرصها على الدفاع عن القضايا العادلة للشعوب والأمن والسلم العالمي وسيادة الدول ووحدتها الترابية واحترام اختياراتها.
وتستند المملكة في ذلك إلى عقيدة دبلوماسية راسخة أساسها التوازن والاحترام، وهي التي حرصت في دستورها على التنصيص على تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية الموحدة بانصهار كل مكوناتها العربية-الإسلامية، والأمازيغية والصحراوية-الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية، كما هو منصوص على ذلك في تصدير الدستور.
إن الأمر يتعلق أيضا ببلد ترسخت فيه، على مدى قرون، تقاليد التعايش والتسامح والاعتدال، وهو ما يكفله جلالة ملك المغرب، بصفته أميرا للمؤمنين الضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية. وتلك مِيزَةٌ أخرى للنموذج الحضاري المغربي على المستوى العربي والإسلامي.
بناء على هذا الحرص، ووفق هذه الرؤية، ينجز المغربُ مشاريع شراكة واعدة، خاصة في إفريقيا التي يعتز بالانتماء إليها، وأطلق بشأنها مبادرات استراتيجية من قبيل “مسلسل الدول الأطلسية الافريقية” ومبادرة تمكين بلدان الساحل الافريقية التي لا تتوفر على منافد بحرية، للولوج إلى المحيط الأطلسي.
وما من شك في أن هاتين المبادرتين الاستراتيجيتين، تعدان قاعدة تُيَسّْرُ المبادلات والتعاون بين بَلَدَيْنا وقَارَّتَيْنا.
وبالتأكيد، فإن ما يجمع المكسيك والمغرب مع قوى اقتصادية كبرى، من اتفاقيات للتجارة الحرة، وهي عديدة، يعد رافعة أخرى لتعاون أوثَقَ بين بلدينا.

السيد الرئيس،
السيدات والسادة،

كنت حريصًا على زيارة بلدكم، لأنقل لكم رسالة مودة وصداقة واحترام وتقدير، ولأنقل لكم إرادة المغرب القوية للارتقاء بعلاقاتنا إلى شراكة متنوعة ومتعددة الأوجه ومستدامة.
أجدد الشكر لكم على كرم الضيافة وحسن الاستقبال، وهو أمر ليس بالغريب على شعب عظيم، أصيل.


اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Breaking News

اكتشاف المزيد من النهار نيوز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading