النهار نيوز المغربية:ع الرزاق توجاني
مدينة تامنصورت، مثلها مثل العديد من المدن المغربية الناشئة، تعيش تحديات عديدة، أبرزها أزمة النظافة التي تفاقمت في السنوات الأخيرة. هذه المشكلة تتطلب تعاون جميع الأطراف، سواء من السلطات المحلية أو الشركات الخاصة أو المجتمع المدني. ورغم ذلك، يظهر أن الاستجابة لهذه القضايا تختلف حسب طبيعة المساهمة المطلوبة، بين الدعم المالي والتطوع.
في الآونة الأخيرة، نُظم نشاط بيئي يهدف إلى تنظيف المدينة بالتعاون بين شركة “أزون”، شركة “العمران”، المجلس الجماعي لحربيل، وبعض الجمعيات النشيطة. كان الهدف واضحًا: تعزيز روح التطوع والمشاركة الجماعية لتحسين نظافة المدينة والرفع من وعي الساكنة بأهمية البيئة النظيفة. ورغم نجاح النشاط وإشادة الساكنة المحلية به، إلا أن الغياب اللافت للعديد من الجمعيات التي يفترض بها أن تكون في طليعة مثل هذه المبادرات أثار تساؤلات عدة.
عندما يُذكر الدعم المالي، نجد الحضور قوياً، والمشاركة واسعة، والكل يتسابق ليكون جزءاً من الحدث. ولكن عندما يكون المطلوب هو العمل التطوعي، الذي لا يحمل منفعة مادية مباشرة، تختفي العديد من الأطراف، وتتحول الألسن إلى التبرير بدلاً من المساهمة.
المبادرة التي شاركت فيها بعض الجمعيات النشيطة أظهرت أن الحل لا يكمن فقط في الموارد المالية، بل في الالتزام الأخلاقي والتطوعي تجاه القضايا العامة. العمل التطوعي لا يقتصر على كونه واجباً إنسانياً، بل هو تعبير عن المسؤولية المشتركة تجاه المجتمع والبيئة.
إن أزمة النظافة في تامنصورت ليست مجرد مشكلة تقنية يمكن حلها بتوفير المزيد من الحاويات أو تحسين خدمات جمع النفايات فقط. إنها أزمة سلوك وثقافة تحتاج إلى تغيير جذري في طريقة تعامل الأفراد والجماعات مع البيئة المحيطة. المشاركة في الأنشطة التطوعية مثل هذه ليست فقط وسيلة لحل الأزمة، بل فرصة لبناء مجتمع متماسك وواعٍ بمسؤولياته.
في الختام، يجب أن يعيد المجتمع المدني في تامنصورت النظر في أولوياته، ويُدرك أن التغيير الحقيقي لا يأتي بالمال فقط، بل بالعمل الجاد، والتطوع النابع من القلب، وحب المدينة التي يعيشون فيها. تامنصورت تستحق الأفضل، ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف الجميع، أفراداً وجمعيات ومؤسسات.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.