أنا أحلم إذن أنا موجود (بيكاسو)…
المغاربة يحلمون في حكومة بمواصفات خاصة ، فهل يتحقق لهم حلمهم بعد استحقاقات7 أكتوبر 2016؟
لعل المغاربة الآن يترقبون وينتظرون ما ستسفر عنه نتائج الاقتراع القادم للانتخابات التشريعية المقبلة ليوم 07 أكتوبر 2016، وهم يحلمون ما دام الحلم حق من الحقوق الطبيعية للإنسان في تشكيل حكومة مغربية بمواصفات مميزة و خاصة، قد لا تخرج عن المألوف والممكن والمعقول .لكنها بمواصفات خاصة قد تختلف كليا عن الحكومات السابقة التي عرفها المغرب كي تساهم في نقلة نوعية للوطن والمواطنين عبر برنامج محكم ودقيق ، يندرج ضمن برنامجمجتمعي متكامل ومتزن…
ففي نقاشنا السياسي العادي بين أكثر من فاعل سياسي و نقابي وحزبي وثقافي ،تم طرح هذا السؤال من بعض الإخوة: دعونا نحلم حلم اليقظة، فماهي في نظركم الحكومة النموذجية التي يتمناها المغاربة مستقبلا ،بعد07 أكتوبر 2016؟؟فهؤلاء الإخوة الذين أبدوا رأيهم الشخصي، ربما جلهم قد جربوا العمل السياسي أوعاشروا الساسة و السياسيين على اختلاف توجهاتهم الفكرية والأيديولوجية ،ولعلهم قد شاركوا أيضا في أكثر من محطة نضالية عبر تاريخهم النضالي منذ السبعينيات، ومنهم الآن من اعتزل العمل السياسي نهائيا ، ومنهم من ما زال يحلم بالتغيير المنشود والذي ظل يحلم به و يراود فكره و وجدانه و هو في عمر الشباب و العطاء ،و الآن هو في خريف عمره…
المهم بعد هذا النقاش الهادئ والإنصات المفيد وآحترام الرأي الآخر، حاولت في النهاية جاهدا أن أجمع كل هذه الأفكار والآراء التي تمت مناقشتها في هذه المائدة الفكرية ،إن صح هذا التعبير، وذلك بشكل مستفيض، عندما رجعت مساء إلى بيتي لأحررها في مقال حتى يطلع عليها جميع القراء دون استثناء ويشاركوننا فيها بآرائهم بعد نشرها طبعا ،مع احترامنا الكلي لكل هذه الآراء سواء كانت مع أو ضد هذه الفكرة أو لها بديل آخر تراه الأفضل والمناسب ،المهم هو معرفة الرأي الآخر، وتحديد المستوى العام الذي وصل إليه جمهور القراء في مجتمعنا المغربي،ومتابعته لما يجري بالحقل السياسي ومستجداته وآفاقه المستقبلية…
لهذا اتفقنا ونحن نحلم طبعا ،وو ضعنا أفكارنا في محك النقاش ،لأنه عن طريق تضارب الأفكار تظهر بارقة الحقيقة ،و كما يقول وليام جيمس الأمريكيعن الحقيقة كمفهوم فلسفي: (ما قيمة الحقيقة إذا تعب العقل البشري في البحث عنها ولم تسدي أي خدمات للإنسانية) أو (قول الحقيقة ضروري وواجب مهما كانت الظروف والمواقف) إمانويل كانت الألماني.
فالمغاربة هم الآن في حاجة ماسة إلى حكومة قوية و تتكلم صوتا واحدا ، و أن لا يتعدى عددها 25 وزيرا ووزيرة على أقصى تقدير، وتتشكل غالبيتها من الأطر المغربية الكفأة والمعروفة في الأحزاب الوطنية التي لم تكن قد تسلمت السلطة فيما قبل، ولم تدل بدلوها بعد ، بل إنها تنتظر فرصتها كي تكشف عن قدراتها ومواهبها في التدبير والابتكار والتجديد والتسيير، وما أكثرها .نعم لعلها لم تفقد الأمل وما زالت تنتظراليوم الموعود الذي ستتسلم فيه مقاليد الحكم لتقول كلمتها ولتجرب حظها كما جربته كل الأحزاب الأخرى التي عانقت السلطة، وحكم عليها الشعبمن خلال منجزاتها في جميع الميادين،وما قدمته له خلال ولايتها الحكومية سلبا كان أم إيجابا…
وحبذا لو كان تشكيل غالبيتها من اليسار المغربي و لا بأس بتطعيمها ببعض التكنوقراط الأكفاء إن أمكن . وسيكون من مهامها أولا الدفاع عن الملفات الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للمواطن المغربي بصدق و أمانة دون مزايدات ، و لابد كذلك أن تتوفر على مشروع مجتمعي متكامل وقابل للتنفيذ على الأرض، و يمكن إنزاله في المديين القريب و المتوسط، و لا بأس أن تدخل في تحالفات معقولة إن أمكن مع أحزاب أخرى لا تراوغ مع الشعب بل لها كبد رطبة على الطبقة المتوسطة والفقيرة والهشة لتشرع في فتح أوراش و مشاريع اجتماعية واقتصادية كبرى تدخل المغرب من بابه الواسع إلى الألفية الثالثة باقتصاد قوي ومهيكل ويندرج بذلك ضمن قائمة الدول الناعمة والصاعدة مؤخرا كتركيا والبرازيل و غيرها، و تعيد كذلك إصلاح كل الأعطاب الكثيرة والمتنوعة، و التي لحقت بالشعب المغربي نتيجة عدة قرارات اللاشعبية، حيث ساهمت في ارتفاع المديونية الخارجية بشكل غير مقبول إطلاقا،ففاقت الخطوط الحمراء، وأمسى اقتصادنا و قرارته مرة أخرى تحت رحمة إملاءات صندوق النقد الدولي، وبذلك أصبحنا غير بعيدين من جديد عن ما عشناه في فترة الثمانينيات بنهجنا للتقويم الهيكلي، و خلال التسعينيات عندما أصبحنا مهددين بالسكة القلبية للاقتصاد الوطني، حيث تسلم الأخ عبد الرحمان اليوسفي حينها المسؤولية في حكومة التناوب، والتي ساهمت في نقلة نوعية بفتحها لمشاريع وأوراش كبرى أعادت الروح لاقتصادنا الوطني، وقد شعر المواطن المغربي حينها بتحولات حقيقية وعميقة وجدرية في أكثر من مجال وخاصة على المستوى الحقوقي والاجتماعي والاقتصادي…
و لن ينسى المغاربةرياح التغيير التي هبت على المغرب فيما بعد حيث تمتشكيل هيئة الإنصاف و المصالحة وجبر الضرر، والتيترأسها الراحل إدريس بن زكري في يناير 2004، وذلك قصد المصالحة مع الذات، و رد الاعتبار لكل الضحايا وجبر الأضرار الفردية والجماعية. وهذه من المحطات المضيئة في تاريخنا السياسي المغربي.
ولا أحد سينكرأيضا عن الأخ عبد الرحمان اليوسفي بعض الانجازات التاريخية التي لن تنسى من التاريخ السياسي المعاصر للشعب المغربي كمحطة من المحطات عرفت بما يسمى بالتناوب الحكومي حول السلطة…
وعلى هذه الحكومة المستقبلية، و التي لا تخرج عن الحلم طبعا ، بعد انتخابات 7أكتوبر2016أن تعمل بجد وبمسؤولية ونكران الذات في حماية المواطن البسيط والضعيف من لهيب الزيادات المتكررة والمتوالية في المواد الأساسية، وتخفيض فاتورتي الماء والكهرباء، ومعالجة جميع الملفات الاجتماعية العالقة للموظفين والموظفات عبر الحوار الاجتماعي الحقيقي والفعال والذي قد تم إفراغه مؤخرا من محتواه وأهدافه حيث أمسى الحوار الاجتماعي من أجل الحوار ومجرد لقاءات للإنصات، وأمسى مسكنا من المسكنات للاحتجاجات والتظاهرات التي صارت عادة من العادات المغربية في جميع الشوارع المغربية وخاصة بالعاصمتين الإدارية والاقتصادية بلا مفعول ، و تعمل أيضا على تنفيذ إتفاق26 أبريل بكامله ، مع تفعيل دور المؤسسات والقضاء على بؤر الفساد بإنزال مخطط عملي واجرائي للحكومة يتم التحكيم فيه إلى القانون، والعمل كذلك على استقلالية القضاء وإنزال القوانين والتشريعات طبقا للدستور الجديد لسنة2011 و الخاصة بجميع القطاعات الحكومية، وفتح باب التوظيف للقطاعات المتضررة،والتي تعاني من نقص مهول في الموارد البشرية، بسبب نسبة المتقاعدين الجدد والتقاعد النسبي، والمعروفة بالقطاعات الاجتماعية بامتياز وهي التي تحدد من خلالها بشكل كبيرالمستوى التنموي للدول عبر المعمور من طرف منظمة الأمم المتحدة، و هي التعليم و الصحة.
إنها حكومة نموذجية بحق ستبقى بصماتها واضحة وسيفتخر بها المغاربة أبا عن جد ، لأنها طيلة ولايتها ستقوم بأشياء كثيرة لم تستطع أي حكومة أخرى قبلها أن تعالج جل الملفات الكبرى والشائكة و دون المساس بجيوب الطبقة الهشة والفقيرة في المجتمع المغربي ،وسيسجل لها التاريخ كل هذه الإنجازات والتي سنذكر منها ما لم يتم ذكره سلفا،
**ستخفض نسبة البطالة بين حاملي الشهادات العليا إلى5أو6 في المائة وإلى 6 في المائة بين الشباب العاطل ككل. وستخفض من المديونية الخارجية للبلاد إلى مستوى معقول وقابل للتحكم…
**ستخلق طبقة متوسطة قوية ستساهم في تنشيط الاقتصاد الوطني وتساهم في خلق فرص للشغل من خلال جلب الاستثمارات الخارجية ورفع نسبة النمو السنوي إلى 8 في المائة.
**ستخفض نسبة الأمية بين جميع الفئات العمرية من خلال التربية اللانظامية إلى 10 في المائة.
** ستقضي على الهشاشة والفقر والسكن العشوائي وغير اللائق من خلال برامج اجتماعية واقتصادية عبر جميع الجهات تشرف على تنفيذها الوزارات المعنية، مع خلق فرص للشغل مذرة للدخل من خلال المزيد من الجمعيات وخاصة بالعالم القروي.
**العمل على إصلاح وترميم البنية التحتية للمدن والقرى والأرياف وفك العزلة بمد الطرق الرئيسية والثانوية إليها، مع بناء وتشييد المؤسسات التي تحتاج إليها الساكنة في مجالها الحيوي.
**المزيد من المحافظة على الأمن للمواطن المغربي واستثبابهبواسطة جميع الأجهزة الأمنية ويقضتها عبر ربوع الوطن العزيز.
**إتمام المشاريع الكبرى المفتوحة الآن سواء الخاصة بالطاقة النظيفة والمتجددة أو بالمغرب الأخضر في القطاع الفلاحي أو المغرب الأزرق في تأهيل قطاع الصيد البحري أو القطاع السياحي والصناعي.
وإذا ما استطاعت هذه الحكومة المستقبلية إن شاء الله أن تنفذ سوى 50 في المائة من هذه الإنجازات ستكون بحق الحكومة النموذجية التي كان وما يزال يحلم بها الشعب المغربي مستقبلا…ولولا الحلم لضاع الأمل في الحياة والمستقبل ككل…
وسبق للفنان بيكاسو أن قال :أنا أحلم إذن أنا موجود .وهل للحياة معنى إن خلت من الأحلام…؟؟
كتابة بقلم : ذ .ع الرحيم هريوى
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.