عبدالعالي حسون
صحيح أن لكل زمن رجال، لكن ليس كل من يطلق عليهم رجال هم في الحقيقة رجال.. فكلمة الطيور تجمع بين الصقور والدجاجة والعصفور.. فماذا فعل رجال هذا الزمن لهذه المملكة .
يقول المثل الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك و معناه ضرورة استغلال الوقت و ربحه للفعل و العمل، لكن حالنا كمجتمع مغربي لم يستلهم الكبير منا ولا الصغير للأسف الشديد من المثل المذكور .
نحن مجتمع حباه الله بالكثير من الصفات و النعم التي بمقدوره العيش في ظلها دون الحاجة للغير ولا لنصائحه ، و بإمكاننا ساكنة و فاعلين سياسيين و مسؤولين أن نكون تجربة يضرب بها المثل ، داخل الوطن و خارجه في النمو و الإزهار و البرامج الهادفة، إلا أن النعمة تكون أحيانا نقمة على أهلها و هو ما حدث لنا بالضبط ،و لك في بعض بلدان إفريقيا مثالا حيا ، على النهضة و الفشل في ذات الوقت .
تحولت الخيرات الكثيرة و الوفيرة إلى “سطل متقوب” تذهب غنائمه و عائداته إلى جيوب من لا تربطه رابطة بالأرض و لا أهلها ، و أوكلت زمام أمور التسيير و التدبير لغير أهلها ، و أختلط الحابل بالنابل بعدما كنا بالأمس القريب مدة واحدة و جسم واحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى .
لقد تغير كل شيء على هذه الرقعة الجغرافية حتى أصبحنا نساءل ضمائرنا عن سبب البقاء عليها و نحن غرباء ، ممنوعين من التعبير عن أرائنا ، من الجهر بمواقفنا ، من الحديث عن قضايا تشغل بالنا.
يوما بعد يوم ندفع ضريبة حروب من دمائنا و لا ذنب و لا دخل لنا فيها سوى أن نخبة مسئولينا تركت المهم و راحت أدراج الرياح و الزوابع و تركت ساكنة بأكملها تصارع واقع مرير نحن في غنى عنه ، عوض الالتحام و الإتحاد ، فمتى يعي كبار قومنا بأن في الإتحاد قوة ؟
و أننا اليوم لا تنقصنا سوى تلك القوة لتغيير الواقع الذي يدمي القلوب . أكتب اليوم ليس جلدا للذات ، و إنما لضرورة الجلوس كمسئولين و مثقفين و نخبة تحلم بواقع مغاير مع ضمائرنا و تغليب كفة العقل على العواطف و المصالح ، عوض ترك المهم و الذهاب في طريق النفق المسدود و التضحية بمصير أجيال نصفها راح ضحية الهروب من هذا الواقع ، سواء على قوارب الموت أو تحت تأثير المخدرات.
فمن غير المعقول أن يقف المسئول المغربي اليوم في موقف المتفرج العاجز و لا يفعل شيء لتلافي المفارقات بين ساكنة القمة الذين يعيشون الترف بكل أوجهه ومواطني القاعدة الذين يتجرعون مرارة الحياة . كفانا تلاعبا بمصير بلد بأكمله بإيهامنا بالوطنية من خلال شعارات لا تروج إلا في المناسبات في حين الممارسات تعكس وطنا آخر.
فسلوكات الحكومات التي تعاقبت على المغرب باختلاف مشاربها بين اليميني واليساري والمعتدل وشبه إسلامي و المخزني و اللامنتمي و الخبزي…ساهم إلى حد كبير في تراجع حب المغربي لوطنه و انطوائه على نفسه بعد أن سلطت عليه حملة شعواء ظاهرها ديني أو سياسي و باطنها هدام لروح المواطنة.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.