الحسيمة: فكري ولد علي
دعا الفاعل الجمعوي والناشط في مجال السياحة القروية والتراث، أنور أكوح، إلى ضرورة استحضار البعد والمكون الثقافي في عملية إعادة الإعمار بمنطقة الحوز ومناطق الجوار، والتي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار، وفعليا، مختلف أشكال وتعابير الموروث الثقافي والمعماري بالمنطقة، أولا حفاظا على هوية المجال، وثانيا حتى تظل شرايين النشاط السياحي والإقتصادي لوجهة الجنوب والوسط ممتدة بالمناطق الخلفية التي تعمل دائما على امداد المنتوج السياحي بعناصر التنوع والتكامل وتقوي جاذبيته وتعزز موقعه في السوق السياحية الوطنية والدولية.
وأكد أنور أكوح، الذي كان يتحدث في برنامج “عالم الإقتصاد” الذي تعده وتقدمه وداد أدرداك على أثير الإذاعة الأمازيغية، على ضرورة تجاوز الأخطاء التي حدثت على هذا المستوى عقب زلزال 2004، وعدم تكرار نفس الإخفاقات، حيث تم تقويض جميع مظاهر المعمار الريفي ونمط الحياة والعيش المرتبط بالسكن التقليدي بالمنطقة، والذي تغير كليا- في غياب رؤية استراتيجية أو بسبب سوء تنفيذها- وأثر بشكل واضح حتى على مستوى الحرف والمنتوجات المجالية أو التقليدية التي كانت تغذي القطاع الإقتصادي بالمنطقة بصفة عامة، والقطاع السباحي بصفة خاصة وتساهم في تعزيز جاذبيته.
وقال انور اكوح، الذي يشتغل في مجال السياحة القروية وفي نفس الوقت يتولى رئاسة منظمة GEODE التي تعنى بدراسة الطيور والدفاع عن البيئة بالريف الأوسط، أنه “حين نتحدث مثلا عن مدينة مراكش أو باقي الحواضر بالاطلس الكبير كوجهة سياحية، فإننا نتحدث بالدرجة الأولى عن فاعلين أساسيين وعدة متدخلين يقومون بعملية قيادة ومركزة العمليات التي تتعلق بمختلف المنتوجات السياحة للمنطقة الخلفية بالأطلس الكبير، وإعادة بيعها في تكامل وانسجام بين باقي مكونات النشاط السياحي التي تتألف من الإيواء او بنيات الاستقبال السياحي وحركية النقل والترفيه.
واعتبر أكوح، في حديثه إلى الصحافية وداد أدرداك، أن التحدي الكبير الذي ستواجهه عملية إعادة إعمار منطقة الحوز هو مدى إمكانية التوفيق بين الحفاظ على هذا الموروث وتوفير مساكن امنة تخضع لمعايير وضوابط البناء المضاد للزلازل، لأن الأمر – بالنسبة للمتحدث- لا يتوقف على الإرادة والرغبة فقط، بل هو سؤال الكيفية والتقنية التي ستستعمل، وهل نحن متملكون لها؟ والأكثر من ذلك ما هي تكلفتها المالية، وهل يمكن إنجاز ذلك بمقاربة قطاعية أحادية؟ أم أن الأمر سيحتاج الى اطلاق مشاورات واسعة بين كل القطاعات ذات الصلة بهذا الجاتب.
وأضاف نفس المتحدث في حواره الإذاعي أن محيط مدن الأطلس الكبير غني بالمواقع التاريخية والمباني ذات الخصائص المعمارية الفريدة من نوعها، والتي كانت تعمل على جلب السياح، وتساهم بشكل كبير في تسويق المغرب كوجهة سياحية، وبالتالي هذا الثقل الثقافي الرمزي والإقتصادي يفرض اعتماد مقاربة شمولية تاخذ بعين الاعتبار نمط الحياة بتلك المناطق في كليته، وبما يحافظ أيضا على أساليب الإنتاج الفلاحي والحرفي، نظرا للدور الذي يلعبه هذا الانتاج في الاقتصاد السياحي وفي تنويع منتوجه وإثرائه بالمنتوجات المجالية ومنتوجات الصناعة التقبيدية.
ولم يفت للمتحدث نفسه أن يؤكد على الدور الذي يجب أن تلعبه المقاولة السياحية في هذه العملية، وأن تتحمل مسؤوليتها الإجتماعية تجاه هذا المجال الجغرافي الغني بموروثه الثقافي، المعماري والفني، خاصة وأن هذا المجال الترابي – الذي يشكل المنطقة الخلفية لكل مدن الأطلس الكبير- يلعب دورا لا يستهان به في عملية التسويق، فاليوم المقاولة السياحية أمامها فرصة ليس للتعبير عن مواطنتها فقط، وإنما هي مناسبة للإعلان عن انخراطها في سياحة بديلة ومستدامة تضع العنصر البشري في صلب عملياتها التجارية، وتتحرك وفقا لمبادئ التضامن والتجارة المنصفة وترسيخها في محيطها ونظامها المهني.
أنور أكوح نبه، في نفس الحوار الإذاعي، إلى الإنعكاسات السلبية التي قد تنتج عن عملية إعادة الإعمار إن لم تأخذ بعين الإعتبار مختلف الأبعاد الثقافية والإجتماعية، لأن الرهان الأساس يتعلق بالفعل بفك العزلة وتوفير مساكن مضادة للزلازل، ولكن أيضا يرتبط بكيفية تحفيز الساكنة على البقاء في مناطقها دون النزوح إلى المدن والمراكز الحضرية المجاورة تفاديا للنتائج الوخيمة للهجرة، والتي تكون ذات أثر سلبي ومكلف على المستوى الاجتماعي، الثقافي، الأخلاقي، والمادي… سواء لمناطق النزوح أو في مناطق الاستقبال.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.