لقد منح الدستور المغربي لسنة 2011 مجموعة من الصلاحيات لرئاسة الحكومة كمؤسسة تمت تزكيتها من خلال التنصيص على مجموعة من الاختصاصات لرئيسها،خاصة بعد دسترة المجلس الحكومي وتوسيع صلاحياته حسب منطوق الفصل 92 من الدستور الجديد، وذلك بعدما ظل يمارس هذه الاختصاصات طيلة عقود تحت مظلة الممارسة الدستورية.
لقد تمت تقوية هذه الاختصاصات بمرجعيتها الدستورية المحدثة، انضافت إليها مرجعية القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضعية القانونية لأعضائها والذي جاءت نسخته الأولى مجسدة في القانون التنظيمي 065.13 خالية من أي إشارة إلى الفصل 92 ضمن المرجعيات الدستورية التي تم إعداد هذا القانون التنظيمي على اساسها.
إن غياب التنصيص على اليات اشتغال المجلس الحكومي في إطار القانون التنظيمي المنظم لأشغال الحكومة والتداخل الواضح في الاختصاصات بين المجلس الحكومي الذي يرأسه رئيس الحكومة والمجلس الوزاري الذي يرأسه الملك خلق نوع من الضبابية حول كيفية أجرئت قرارات المجلس الحكومي؟ والتي قد لا نجد في البنية القانونية جوابا شافيا يزيح الغموض الذي يعتريها.
إن التأويل السياسي والبحث في الأعراف والممارسة السياسية قد يكون المنفذ الذي قد يوصلنا إلى محاولة الغوص في محاولة التشخيص مع إيماننا بأن إزالة الغموض والالتباس حولها يكاد يكون مستحيلا في ظل الخصوصية المغربية.
ولعل سلطة الاقتراح التي منحها المشرع الدستوري لرئيس الحكومة بالنسبة للسفراء والولاة والعمال ووجوب مرور عملية التعيين من طرف الملك بمسطرة الاقتراح داخل المجلس الحكومي والعرض على المجلس الوزاري لمصادقة الملك على التعيينات التي يقرها، تعد من بين أكثر الاختصاصات التي لا زال يشوبها الكثير من الغموض على اعتبار أن اقتراحات رئيس الحكومة غير ملزمة للملك من الناحية الدستورية.
لكن اثارتنا للتساؤل الذي شكل عنوانا لهذا المقال لا يرتبط بالإشكالية الدستورية بقدر ما يرتبط بشعار الشفافية والحق في الوصول إلى المعلومة الذي طالما ما جعله السيد رئيس الحكومة عنوانا للعديد من السجالات السياسية في محطات مختلفة، مثل إشعار المواطن المغربي بتداعيات الأزمة المالية عبر الكشف بالأرقام عن الوضعية المالية الحقيقية للدولة والتي كان الكشف عنها إلى أمد قريب أحد الطابوهات التي قد يؤدي الإعلان عنها إلى تداعيات سلبية على السلم الاجتماعي حسب رأي دعاة قدسية سرية معلومات الدولة. ولن ننسى في هذا الصدد المعارك الاعلامية التي خاضها الحزب الحاكم بإعلانه الكشف عن لوائح المستفيدين من رخص النقل والتي سرعان ما خف بريقها مع الإبقاء على السرية عنوانا بالنسبة رخص المقالع وغيرها من طابوهات الامتيازات!!!!!…
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.