نعيمة عتماني
احتضنت الزاوية البصيرية ببني عياط بإقليم أزيلال، على مدى ثلاثة أيام (17 و18 و19 يونيو 2025)، فعاليات الندوة العلمية الدولية المنظمة تحت شعار: “عناية أهل التصوف بالعلوم الشرعية والإنسانية”، وذلك تخليدًا للذكرى الخامسة والخمسين لانتفاضة سيدي محمد بصير التاريخية بمدينة العيون.
وتأتي هذه التظاهرة العلمية الكبرى تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، وتنظمها مؤسسة محمد بصير للأبحاث والدراسات والإعلام، بشراكة وتنسيق مع شعبة الدراسات الإسلامية والمختبرات والماسترات التابعة لها بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال.
شهدت الجلسة الافتتاحية حضورا رفيع المستوى، حيث شارك رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان، وعميد كلية الآداب، والأمين العام للجالية المغربية المقيمة بالخارج، إلى جانب وفد رسمي يتقدمه والي جهة بني ملال خنيفرة، وعامل إقليم أزيلال، ورئيس الجهة، ووالي أمن الجهة، ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، بالإضافة إلى شخصيات مدنية وعسكرية، وممثلي قبائل الصحراء المغربية، وضيوف من أكثر من 16 دولة من مختلف أنحاء العالم.
وسلطت الندوة الضوء على الأبعاد المعرفية والعلمية للتصوف، من خلال مداخلات علمية وبحثية تناولت إسهامات المتصوفة في إثراء العلوم الشرعية والإنسانية، وإبراز أعلام التصوف ممن لمعوا في الفقه، والتربية، والدعوة، والتعليم، وخدمة الإنسانية.
كما سعت أشغال الندوة إلى تصحيح الصور النمطية المغلوطة التي تربط التصوف بالجهل والخرافة، مبرزةً في المقابل مكانة التصوف كأحد الثوابت الدينية والثقافية المغربية، إلى جانب العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي وإمارة المؤمنين، مما يعزز وحدة المغاربة الروحية والثقافية.
وشهدت الندوة مشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين من داخل المغرب وخارجه، قدموا قراءات تحليلية لمسارات مجموعة من الطرق الصوفية ومساهمة روادها في بناء الوعي الديني الوسطي، وترسيخ قيم السلم والتسامح، والتفاعل مع القضايا المجتمعية والإنسانية الكبرى.
وقد توزعت أنشطة الندوة بين مقر الزاوية البصيرية ببني عياط وفضاءات أخرى بإقليمي أزيلال والفقيه بن صالح، في أجواء علمية وروحية عكست عمق ارتباط التصوف المغربي بالعلم والعمل والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
ومن المنتظر أن تُختتم الندوة بإصدار توصيات تضع التصوف في صلب المشروع العلمي والتربوي الوطني، لقد أكدت هذه الندوة، بما أتاحته من نقاشات وأطروحات، أن التصوف المغربي ليس ذاكرة منسية، بل أفق مفتوح، وأن الزوايا، حين تتفاعل مع الجامعة والمجتمع، تصبح فضاءات لصناعة الوعي، وبناء الإنسان، وتأسيس المستقبل.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.