في تطور مفاجئ لقضية اختفاء مركب الصيد المغربي “لاكلونتين”، الذي كان قد غادر ميناء أكادير في ظروف غامضة قبل أيام، تم العثور عليه صباح اليوم الخميس، راسيًا على سواحل جزيرة لانزاروت الإسبانية، وعلى متنه 14 مواطنًا مغربيًا، جميعهم تقدموا بطلبات لجوء فور وصولهم.
وذكرت مصادر مطلعة أن التحقيقات الأولية التي باشرتها السلطات الإسبانية بالتنسيق مع نظيرتها المغربية، كشفت عن عملية “استيلاء غير قانوني” على المركب، حيث يُشتبه في أن المهاجرين قاموا بقيادته خارج المياه الإقليمية المغربية نحو جزر الكناري، في خطوة تُصنّف ضمن الهجرة غير النظامية.
وأوضحت نفس المصادر أن المركب، الذي يحمل ترخيصًا لمزاولة أنشطة الصيد الساحلي، لم يكن مرخّصًا لمغادرة ميناء أكادير في التاريخ الذي غادر فيه، مما زاد من الشكوك حول عملية “تهريب منظم” قد يكون وراءها أفراد أو شبكات متخصصة..
وبحسب الإعلام المحلي في جزر الكناري، فقد تم استقبال الركّاب من طرف الحرس المدني الإسباني، حيث جرى إخضاعهم للفحص الطبي الأولي، قبل أن يتم تحويلهم إلى مركز خاص باللاجئين في انتظار دراسة طلباتهم وفقًا للقوانين الإسبانية والأوروبية المتعلقة بالهجرة واللجوء.
وفي هذا السياق، صرّح مصدر أمني إسباني، رفض الكشف عن هويته، بأن “الحادث قيد التحقيق المعمق”، مشيرًا إلى أن “مسألة استخدام مركب صيد مسروق أو مستولى عليه تدخل في نطاق الجرائم العابرة للحدود”، وهو ما قد ينعكس على مآل طلبات اللجوء المقدمة.
من جهتها، فتحت السلطات المغربية تحقيقًا موازياً لتحديد كيفية خروج المركب من الميناء دون إشعار أو تصريح رسمي، وما إذا كان هناك تواطؤ محتمل داخل الميناء أو بين أفراد الطاقم المعتاد للمركب.
كما يُرتقب أن يجري تنسيق مباشر بين سلطات البلدين، خاصة وأن مثل هذه الحوادث أصبحت تعرف تكرارًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، في ظل تزايد محاولات الهجرة السرية عبر المسالك البحرية، وتحول جزر الكناري إلى بوابة رئيسية للهجرة نحو أوروبا.
هذا الحادث يعيد إلى الواجهة النقاش الدائر حول الأسباب العميقة التي تدفع شبابًا مغاربة إلى ركوب مخاطر البحر، حتى إن اقتضى الأمر الاستيلاء على وسائل نقل بحرية، ما يُظهر حجم الإحباط الاجتماعي والاقتصادي الذي يدفع بالبعض إلى البحث عن مستقبل في الضفة الأخرى.
في المقابل، تطرح هذه الواقعة تحديًا قانونيًا أمام السلطات الإسبانية، التي باتت تواجه مطالبات بضرورة التحقق من “النية الجنائية” وراء هذه الرحلات، والتفريق بين طالب اللجوء الحقيقي ومن يحاول استغلال النظام القانوني الأوروبي.
بين القانون والإنسانية، تبقى قضية مركب “لاكلونتين” مثالًا حيًا على تعقيدات ملف الهجرة في المنطقة، في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الجارية، والتي قد تكشف خيوط شبكة أكبر من مجرد مغامرة فردية. مراسل : اليوبي عزيز
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.