في خطوة وُصفت بـ”النكبة الحقوقية” و”الانقلاب التشريعي”، صادقت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، يوم أمس، بالأغلبية، على تعديل مثير للجدل في مشروع قانون المسطرة الجنائية، يقضي بمنع الجمعيات الحقوقية وهيئات المجتمع المدني من تقديم تبليغات أو شكايات حول قضايا الفساد الإداري والمالي أمام القضاء.
هذا الموقف التشريعي المخدوم حكوميا وبرلمانيا، والذي استهجنه الرأي العام الوطني، ولاقى استنكارًا واسعًا من فعاليات حقوقية وجمعوية، يعتبره المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام مسًا خطيرًا بالمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، وخرقًا سافرًا وجسيما للعهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب لاسيماذات الصلة بمحاربة الفساد، وفي مقدمتها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وفي بلاغ شديد اللهجة، أدان المرصد هذا “التراجع التشريعي الخطير”، معتبرا أن الحكومةوأغلبيتها البرلمانية، بدل أن تنخرط في تعزيز آليات الشفافية والنزاهةوالحكامة الجيدة، تلجأ إلى تصفية الحسابات مع المجتمع المدني الذي طالما كشف ملفات فساد كبيرة، وأحاط الرأي العام بتفاصيلها، في وقت بات فيه مطلب محاربة الفساد إحدى أولويات المواطنين.
انتقام سياسي من المجتمع المدني
عدد من المتابعين اعتبروا أن هذا التعديل جاء انتقامًا من بعض الجمعيات الحقوقية النشيطة في فضح ملفات فساد تورطت فيها شخصيات نافذة، وأكدوا أن وزير العدل عبد اللطيف وهبي يسير في اتجاه ضرب استقلالية القضاء والمس بمبدأ فصل السلط والتضييق على الحريات العامة، عبر تحجيم أدوار الجمعيات الحقوقية، وهو ما يشكل تراجعا خطيراعن المكتسبات الدستورية التي جاء بها دستور 2011.
مطالب بتدخل ملكي
وفي السياق ذاته، ناشد المرصد الوطني لمحاربة الرشوة وحماية المال العام جلالة الملك محمد السادس، باعتباره الضامن الأول لحقوق المواطنين وحامي الدستور، التدخل العاجل لإيقاف هذا “العبث التشريعي”، حماية لمكانة المغرب الدولية، وللمسار الديمقراطي، وللمؤسسات التي باتت مهددة بتشريعات وقرارات سياسية وتحكمية تضرب مبدأ الشفافية والنزاهة والشفافية في تدبير الشأن .
ردود فعل غاضبة
وتوالت ردود الأفعال من منظمات وهيئات وطنية ودولية تعبر عن قلقها واستنكارها من هذا التراجع الحقوقي الصارخ، مطالبة البرلمان بتحمل مسؤولياته الديمقراطية والدستورية في عدم تمرير هذه التعديلات، والاحتكام لصوت العقل والحكمة، حفاظًا على صورة ومكانة المغرب كبلد ينخرط في الجهود الحقوقية الأممية لمحاربة الفساد ، وحريص على التقيد بمقتضيات دستور المملكة وبالتزامات بلادنت الدولية الصريحةذات الصلة.
كما يهيب المرصد بمختلف الفعاليات الجمعوية والحقوقية من أجل التجند لمواجهة هاته الردة الحقوقيةوفضح استعمال الآليات التشريعية للتضييق على العمل الحقوقي والجمعوي المسؤول والمناضل ضد التحكم والفساد.
عن المكتب الوطني للمرصد
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.