قراءة نقدية: “القصيدة ودور الموسيقى” القصيدة :”بوصلة موسيقية”

الشاعرة:الهام عيسى(سوريا)

الناقدة : جليلة المازني (تونس)

القراءة النقدية:”القصيدة ودور الموسيقى”

لقد اختارت الشاعرة الهام عيسى عنوانا لقصيدتها “بوصلة موسيقية” وهو مركب نعتي ورد النعت والمنعوت فيه نكرة وهذا يعني ان البوصلات متعددة لكن شاعرتنا اختارت بوصلة موسيقية.

– البوصلة تحدد لنا الاتجاهات الرئيسية والفرعية .

– الموسيقية لها دلالتها في أن الموسيقى هي تغذية للروح وبث السعادة في النفس

فكيف لبوصلة موسيقية أن تلعب دورها في حياة الشاعرة؟

تستهل الشاعرة قصيدتها بجملة فعلية بصيغة الأمر الذي يفيد الطلب والالتماس

هذا الالتماس سيصبح لازمة ألزمتْ بها الشاعرة نفسها لتردّدها بين مقاطع القصيدة ” أعد لي”.

وكأني بالشاعرة تطالب بحقّ ضاع منها وهي تريد استرجاعه من الحبيب.

تقول الشاعرة:”أعد لي نبض قلبي”

هل الشاعرة فقدت نبض قلبها وهي تلتمس من حبيبها استعادته؟

تقول الكاتبة سارة سعيد(15/اغسطس/ 2014)

– نبض القلب:”أثبتت الدراسات والأبحاث أن هناك مجموعة من الأعراض البيولوجية والجسدية تظهر على الانسان عندما يحبّ .منها:تسارع نبضات القلب: عند الوقوع في الحب خاصة في البداية,يفرز الدماغ هرمون” النوريبينيفرين” الذي يسرّع نبضات القلب بشكل ملحوظ لذا فالمُحبّون يدركون مدى حبّهم كلما تسارعت نبضات قلوبهم عند رؤية من يحبون”(1)

ونبض القلب يساوي الحياة وحين طلبت من الحبيب اعادة نبض قلبها يعني أن حياتها توقفت (حياتها العاطفية /حياتها الروحية/ حياتها العقلية ..)

ان الشاعرة تطلب من الحبيب أن يُعيد اليها نبض قلبها لتستعيد ابداعها فتقول:

أعد لي نبض قلبي

حين قوافل شعري تلهو

في سطور نبضاتي

تعود من جديد مع ترديدتها ” أعدْ لي” لتطلب من الحبيب اعادة نبض قيثارها وكأنّ للقيثارة نبض وحياة فالقيثارة توقفت بتوقف نبض القلب.تقول الشاعرة:

أعدْ لي نبض قيثاري

تنهال على أوراقي

تغزل ألحان نينوى

وتعزف سيمفونية الحبّ.

توقفت القيثارة عن عزفها لذلك تطلب من الحبيب أن يعيد لها نبض قيثارها لتعود الى ابْداعها لتعزف ألحان نينوى وسنفونية الحب.

و”نينوى هي قصة حبّ كبيرة جرت بين فتاة ورجل فقيرذي علم واطلاع واسعيْن

وحدث أن أراد الملك الزواج بتلك الفتاة وقد أجبرت على ذلك وأبْعد حبيبها عنها حيث نُفيَ الى الغابة ..كانت حياته مفعمة بالحزن والألم وهناك كتب نوتات موسيقاه على ألواح من الحجر”(2)

و”سمفونية الحب بالحياة..حينما تدق أوتار الحب في قلبك وتشعر بأنها تعزف أحلى سمفونية بالحياة ويلامس الاحساس روحك وتسري قشعريرة بجسدك”(3) والسمفونية هي مجموعة قصص في الحب قال فيها أحدهم (4):

– في داخل كل منا

نبضٌ يحنّ لشخص

لا يمكن تعويضه بآخر في عينك

ان أردت أن تعشق فليس

بالضرورة أن تعشق

من تراه عينك

ولكن اعشق من يراه قلبك

فالعين ترى الكثير الكثير

ولكن القلب يرى

نقاء الروح

هكذا يدوم الحبّ

– وتقول سمفونية أخرى:

يا ليتك تعلم بجنون أشواقي

يُراودني حنيني المجنون بك

أتمايل على نبضات قلبي

أعانق ملامحك وأختبئها بين ضلوعي

وصدى صوتك يتغلغل في أعماقي

فأين حنانك حتى لا أذبل وأموت من الحرمان

فقيثارالشاعرة سيغني بالتالي ألحان نينوى التراجيدية وسيعزف سيمفونية الحبّ.

تعود الشاعرة الى ترديدتها وهي في ذلك تؤكد أن تستعيد ما ضاع منها

فتلتمس من الحبيب أن يعيد اليها أوتار كمانها.

انه نغم آخر بآلة موسيقية أخرى.

والكمان آلة وترية ومن أشهر الآلات التي استخدمت في الموسيقى الكلاسيكية

ويوصف صوتها بأحنّ أصوات اللآلات الموسيقية

وقد عُرف عزف الكمان بالحزين .

وقد ورد في صحيفة العرب بأن الكمان يمثل بصهيل الأوتار الجامحة وحنين

الاخشاب المعتقة.

تقول الشاعرة :

أعد لي أوتار كماني

تتساقط نوتاته

لتضيء سماء روحي.

هذا الكمان الذي هو أحنّ الآلات الموسيقية وهذا الكمان الذي اتسم بلحنه الحزين وصوته الأشبه بصهيل الأوتار الجامحة وبحنين الأخشاب المعتقة.

هذا الكمان كيف سيضيء سماء روحها؟

ان صهيل هذه الاوتار الجامحة سيكسب روحها الهشة بسبب فراق الحبيب قوة وصلابة وعزّة لتحلّق عاليا.

انها تريد باستعادة أوتار كمانها أن تستعيد قوّة روحها وعزتها المفقودتين فالروح الهشة والمنهارة قد تفقدها وتفقد معها الحياة.

تعود الشاعرة الى ترديدتها لتلتمس من الحبيب أن يعيد اليها نغما آخر بآلة موسيقية أخرى فتقول:

أعدْ لي صفير شبابتي

لأصعد لنجومك النقية التقية

تملأ فؤادي أنغام الأمل

وتشرق ضياء لقلبي.

والشبابة عبارة عن أنبوب مجوّف ذي ثقوب تساعد على اخراج أجمل النغمات الموسيقية وهي من الآلات النفخية وما في النفخ من تعب.

والصفير:- لغة: هوصوت حادّ يشبه صوت الطائر.

– اصطلاحا: هو صوت زائد يخرج من بين الشفتين عند النطق بحروف ثلاثة وهي الزاي والسين والصاد(ويكيبيديا- صفير(لسانيات)).

ان تعب الصفير وتعب النفخ يتناغمان مع تعب صعود الحبيبة الى نجوم الحبيب

هذه النجوم اضافة الى علوها وسموّها فقد وصفتها بالنقية والتقية

والنقية تحيلنا على النقاء والصفاء والطهر.

والتقية تحيلنا على تقوى الله وعبادته.

وبالتالي فهذه الحبيبة التي تكبّدت عناء صفير الشبابة وتعب الصعود الى نجوم الحبيب فلأنها تتوق الى نقاوة الروح وطهرها والى تقواها التي تقربها من عبادة الله.

ان الشاعرة استهلكت معجمية موسيقية باستخدام عدة آلات موسيقية مختلفة معنى ودلالة ( نبض قيثاري / أوتار كمان / صفير شبابتي)

وبين نبض القيثار وأوتار الكمان وصفير الشبابة فهي تلتمس استعادة نبض قلبها

ونبض قلبها هو نبض الحياة الذي يجعلها ترتقي الى نجوم الحبيب النقية التقية

انها بوصلتها الموسيقية في الصعود الى حبيبها النقي التقي.

والشاعرة تفصح بذلك عن تفاؤلها بجعل بوصلتها في الوصول الى حبيبها بوصلة

موسيقية:

ان “دراسة علم النفس للموسيقى تقدم رؤى مثيرة للاهتمام في العقل البشري فاستجابتنا الفيسيولوجية العميقة ولا مثيل لها للألحان والايقاعات والتناغمات تظهر كيف يمكن للموسيقى ان تغير توجهاتنا العاطفية وتثير ذكرياتنا وتخفف من آلا منا اثباتا على التأثير العميق الذي تحمله الموسيقى على رفاهيتنا”(5)

وهل أكثر من أن الحبيبة تلتمس من حبيبها أن يعيد اليها هكذا موسيقى من أنغام مختلفة من آلات موسيقية مختلفة لتغير توجهها العاطفي وتثير ذكرياتها وتخفف من آلامها فتكون بوصلتها موسيقية.؟

ان استعادتها لبوْصلتها الموسيقية من خلال كل تلك الآلات الموسيقية سيجعلها تستعيد رقصاتها والموسيقى والرقص متلازمان في كثير من الأحيان فتقول:

أعدْ لي رقصاتي

في روضة عينيك

ألتقط أنفاسي

أعْبر جسر الحب

ان الحبيبة تلتمس من حبيبها أن يعيد اليها رقصاتها والرقص هو تعبير عن السعادة بالحركات .

انها تريد أن ترقص في روضة عينيه ليرى حركاتها ولتلتقط أنفاسها ولتعبر جسر الحب وكأني بالشاعرة ستجعل رقص الحبيبة حين يراه الحبيب تلتقط به أنفاسها لتستطيع عبور جسر الحب.

انها تعود الى نفس الترديدة التي جاءت بمطلع القصيدة :”أعدْ لي نبض قلبي”

فنبض قلبها يحملها الى مرافئ السلام لتسافر مع الغيوم التي تظلّها من حرّ الشمس نهارا لتصادق القمر ليلا.

وتختم بترديدة المقطع الثاني قائلة:

أعدْ لي نبض قيثاري

أغرق بالنجوم

لينبض فؤادي

بمحابر من نور

ان الشاعرة الهام عيسى تختم بطلب استعادة قيثارهالان للعزف على القيثار عدة فوائد (6):

– تقليل مستويات التوتر.

– تحسين الحالة الميزاجية

– الابداع والابتكار.

– تعزيز الثقة بالنفس.

– تقوية التواصل الاجتماعي.

انها تريد استعادة نبض قيثارها وما تجمعه القيثار من فوائد لتغرق( والغرق بالمعنى الايجابي) في النجوم في تعدّدها وتنوّعها واختلاف حجمها وضيائها باعتبارها فيزيائيا مصدر الضوء لبقية الاجسام ليلا تماما كالشمس نهارا .

انه منتهى نشوتها الروحية.

وكل هذا لينبض قلبها وتعود لها الحياة ولابداعها المنير والمشعّ بهكذا بوصلة

موسيقية قد تنوّعت فيها الآلات والأنغام وحتْمًا ستملأ حياتها أملا وتفاؤلا.

سلم قلم المبدعة المتميز الذي جعل ابداعها متفرّدا وفق بوصلة موسيقية.

بتاريخ :01/08/2024

المراجع:

https://m.elwatannews.com>details(1)

هل وقعت في الحب؟..تعرف على اعراضه- مرأة- الوطن.

https://kharbashat.almontada.com(2)نينوى.

Fttps://www.albhire.com>archives(3)

سمفونية الحب بالحياة 14/07/2015

Face book- (4) سمفونية الحب