لهوية المغربية ـ الخصوصيات الوطنية و رهانات المستقبل” هو موضوع الصالون الثقافي المغربي الألماني في دورته التاسعة بمدينة روسلسهايم الألمانية، بتنظيم من المعهد المغربي الألماني للدراسات و البحوث، بشراكة مع حلقة عربية، مركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماربورغ الألمانية و مجلس الجالية المغربية بالخارج. الصالون الثقافي المغربي الألماني عرف مشاركة أكاديميين و باحثين من المغرب و ألمانيا، و ذلك في إطار الشراكة و التعاون التي يعمل المعهد المغربي الألماني للدراسات و البحوث على تعزيزها مع مركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماربورغ الألمانية.
يشار إلى أن الصالون الثقافي المغربي الألماني، عرف حضور السيد خليفة ايت الشايب القنصل العام للمملكة المغربية بالخارج، و السيد المهدي بنور مدير الخطوط الملكية المغربية، و عددا من الأكاديميين و الباحثين و المهندسين و رجال الأعمال و فاعلين في المجتمع المدني و مدرسات للغة العربية، كما عرف حضور الجيل الأول و الثاني و الثالث.
و في كلمة افتتاحية أكد هشام عبيدي الباحث في الهجرة و التربية و رئيس مختبر دراسات الثقافة و الهجرة بالمعهد المغربي الألماني، على دور المعهد كمؤسسة أكاديمية علمية في تنظيم مثل هذه اللقاءات و بشراكة اكاديمية مع جامعات ألمانية و مغربية، لمناقشة قضايا ترتبط بالهوية و الهجرة و الانتماء كما أعلن عن أول إصدار للمعهد لهذه السنة و هو كتاب باللغة الفرنسية للباحث في التاريخ و الهجرة السيد سعيد شرشيرة تحت عنوان : ولادة أمل، المواطنون المغاربة بالخارج، و هو كتاب يتناول ولادة الأمل عند الجالية المغربية بالخارج بعد الخطابات الملكية السامية التي خص بها مغاربة العالم.
و في كلمة ألقاها السيد خليفة آيت الشايب القنصل العام بفرانكفورت ، على قيمة مناقشة هذه القضايا التي راهنيتها في السياق الاوروبي بشكل عام و في السياق الألماني بشكل خاص، كما أبدى استعداد القنصلية إلى الوقوف إلى جانب هذه المبادرات، و انفتاحها على كل المبادرات، كما دعا إلى ضرورة التشبيك بين كل الفاعلين على المستويات المختلفة، سواء في الجانب الرياضي، الاقتصادي، الثقافي أو الاجتماعي.
و في مداخلته التي ألقاها في موضوع الهوية، أكد الدكتور عاصم حفني، المستشار الأكاديمي و المحاضر في الدراسات الاسلامية و العربية في مركز الدراسات الشرق أوسطية بجامعة ماربورغ الألمانية، على أن الجالية المغربية في ألمانيا، جالية متفردة و ناجحة، و نموذج طيب لما يجب ان تكون عليه الجاليات العربية في ألمانيا. كما أكد على أنه إن كان هناك امل في الامة العربية ان تنهض، فسيكون ذلك عبر بوابة المغرب الشقيق ليس في الجانب الثقافي فقط، بل في الجانب الاقتصادي ، التقني و جانب التعايش أيضا.
كما أكدت الدكتورة العالية ماء العينين، الكاتبة و الناقدة و أستاذة الأدب الأندلسي بكلية الآداب و العلوم الانسانية بالرباط و الباحثة في الثقافة الصحراوية، على العلاقة بين الأسس الثلاثة التي ركز عليها عنوان الصالون و الحاضرة في ديبات دستور 2011، أولها ديني وطني و ثانيها خصوصيات و مكونات المجتمع المغربي و ثالثها الانتماء إلى الإنسانية. كما أكدت على ضرورة المحافظة على انسان هذه الأسس الثلاثة لأهميتها في وحدتها و تنوعها من جهة و بين الذات و الآخر من جهة أخرى. كما دعت الدكتورة ماء العينين إلى ضرورة الاقتناع بأن هناك فرقا بين توظيف المكون الثقافي و الاستفادة الحقيقية منه، لبناء تنمية حقيقية مستدامة. بمعنى، أن يكون هناك استيعابا حقيقيا لدور الثقافة في التنمية، و ليس مجرد تيار ننجرف وراءه لأننا لا نملك القدرة على مواجهته. كما أكدت على قيمة توثيق الذاكرة المهجرية و الاهتمام بها، و تشجيع البحث الأكاديمي و العلمي في هذا المجال. من جهته أكد الباحث و خطيب الجمعة بالسجون الألمانية السيد عبدالعزيز بعوش على دور المساجد في ألمانيا، و قيمة الخطاب الديني و الهوية الدينية منطلقا من المساجد في فترة الهجرة الأولى إلى ألمانيا مع الجيل العمال المغاربة، و تطورها عبر السنوات. كما ركز على التدين المغربي المعتدل و اهميته خصوصا بالنسبة للشباب المسلم في ألمانيا.
أما ناديا يقين الإعلامية و الباحثة في قضايا المرأة و الهجرة و الذاكرة، فقد اكدت على أن البحث في سر ارتباط الجيل الثاني و الثالث من مغاربة العالم بالوطن، لا يمكن أن يتم إلا بالعودة إلى الجيل الأول و استدعاء ذاكرتهم و التعرف على ظروف هجرتهم و طرق تدبيرها و تحديات اندماجهم، و بالخصوص النساء، و ذلك من منطلق كون الأم مورثة للثقافة و الهوية و المسؤولة الأولى على التنشئة الاجتماعية، كما دعت يقين التي تشتغل على الذاكرة المهجرية في ألمانيا إلى الاهتمام بهذا الجيل و تدوين ذاكرته كوثيقة ذات قيمة للتاريخ الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي أيضا. كما دعت إلى تعزيز وجود المغرب أو ذاكرة الوطن في ذاكرة الاطفال من الجيل الثالث و الرابع من خلال خلق برامج تراعي مختلف الأعمار.
و في إطار النقاش المفتوح، ناقش المشاركون الذين ينتمون إلى تخصصات مختلفة، موضوع الهوية و الانتماء و ايضا الخصاص الذي تعرفه الجالية المغربية المقيمة في ألمانيا، كما أبدوا ترحيبهم بالسيد القنصل العام الذي بدأت مهامه في شهر ستنبر الماضي بفرانكفورت، و هي فرصة للدعوة إلى ضرورة تأسيس مركز ثقافي مغربي بفرانكفورت، يكون بيتا للثقافة المغربية و مصدر إشعاع ثقافي لهذا البلد الضاربة ثقافته و حضارته جذورها في التاريخ. كما دعوا السيد خليفة ايت الشايب القنصل العام بفرانكفورت إلى الدعم لتحقيق هذا الحلم.
الصالون المغربي الألماني في دورته التاسعة، ليس فقط فضاء للنقاش، بل ايضا فضاء للتعارف و صلة الرحم و التشبيك و التمتع بتمغربيت.
يشار إلى أن المعهد المغربي الألماني للدراسات و البحوث، يستعد لتوقيع مجموعة من الشراكات تهم البحث في الثقافة و الدين و الهجرة مع مجموعة من المؤسسات الأكاديمية داخل ألمانياو خارجها.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.