في خطوة تعكس عمق الإحباط وتزايد القلق وسط ساكنة حي الأغراس بمدينة مرتيل، وجّه عدد من رؤساء اتحادات ملاك العمارات بالحي رسالة رسمية إلى رئيس المجلس البلدي، بتاريخ 21 أبريل 2025، يعبّرون فيها عن استنكارهم الشديد لتدهور وضع الإنارة العمومية، وتحول الشوارع إلى فضاءات مظلمة تشكل تهديداً يومياً لأمنهم وسلامتهم.
الوثيقة، الموقّعة بأسماء وأختام تمثيلية، تتجاوز كونها مراسلة إدارية عادية، إذ تحمل في طيّاتها صرخة احتجاج راقية، تعبّر عن واقع معاش لا يليق بحي سكني يُعدّ من أكبر الأحياء كثافة سكانية في المدينة. الإنارة المنعدمة لم تعد مجرد إزعاج ليلي، بل تحوّلت إلى خطر داهم يفتح المجال للسرقات، والاعتداءات، بل وحتى التحرش، في مشهد يعكس تخلّياً مقلقاً عن أبسط مقومات العيش الكريم.
المفارقة أن حي الأعراس ليس بمنطقة معزولة أو مهمشة، بل يُعد من المناطق التي يفترض أن تستفيد من خدمات أساسية بحكم موقعها وحجم ساكنتها. ومع ذلك، يعاني من إقصاء غير مبرر، في وقت يتم فيه إنفاق ميزانيات معتبرة على مشاريع تجميلية لا تمس جوهر الحياة اليومية للمواطن البسيط. فأين العدالة المجالية التي طالما تغنّى بها الخطاب الرسمي؟
يتساءل السكان، بمرارة، إن كان حقهم في الأمن والكرامة مرهوناً بموقع الحي الجغرافي أو وزنه الانتخابي. ولماذا تُنار أحياء أخرى وتُترك منطقتهم في الظلام، مادياً ومعنوياً؟ هل ننتظر حادثاً دموياً تتناقله الشاشات حتى تُستنفر الجهات المسؤولة؟ وهل أصبح الحق في الإنارة ترفاً لا يُمنح إلا تحت ضغط الإعلام أو صوت الاحتجاج؟
رغم كل ما سبق، جاءت لغة الرسالة محترمة، مؤدبة، متشبعة بروح المواطنة، وكأن الساكنة تخاطب جهة غريبة لا مسؤولة منتخبة يفترض أن تصون حقوقهم.
أمام هذا الصمت المريب، تتعالى المطالب اليوم بموقف واضح، بحلول ملموسة، وبإرادة سياسية حقيقية تعيد النور – حرفياً – إلى حي الأعراس. فالأمن ليس ترفاً، والكرامة لا تُستجدى… بل تُضمن.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.