تُعاني المرأة في العديد من المجتمعات حول العالم من الاضطهاد والعنف، ويعود السبب في ذلك بشكل رئيسيّ إلى الموروثات الاجتماعيّة وبعض العادات البالية التي تم توارثها عبر الأجيال، والتي قد تكون صالحة لأزمان معيّنة وغير صالحة لوقتنا الحاضر، حيث تختلف أشكال الاضطهاد من مجتمع إلى آخر، وتشيع كافة أشكاله غالباً في المجتمعات النامية أو في دول العالم الثالث، حيثما ينتشر الفقر ويشيع الجهل وانعدام الوعي بالحقوق، حيث تجهل معظم النساء في تلك المجتمعات الحقوق الخاصة بهم، بما في ذلك الحق في التعليم والعمل وتقلد المناصب السياسيّة، والحرية في اتخاذ القرار وتحديد المصير في قضيّة الزواج أو العمل والدراسة في الوقت الذي تتمتع فيه المرأة بحقها في العمل والحياة والمشاركة في كافة الأنشطة الحياتيّة في المجتمعات المتقدّمة.
ما زالت فكرة رفض عمل المرأة مُنتشرة على نطاق واسع في العديد من البلدان ويؤمن بها عدد لا محدود من الأشخاص حول العالم دون وجود أيّة مبرّرات مقنعة لذلك الرفض، حيث تجهل النساء في تلك المجتمعات حقهن في الحصول على التعليم والمعرفة، إلا أننا إذا أردنا مقارنة الوضع الحالي مع معاناة المرأة في هذا الجانب سابقاً سنجد تحسّناً ملحوظاً وتطوّراً كبيراً جداً على صعيد العمل، وعلى صعيد تقبل المجتمعات الذكوريّة تحديداً لهذه القضية، وعلى صعيد آخر هناك العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تسعى بشكل جاد إلى منح المرأة حقوقها الكاملة، بما في ذلك حقها في التعليم والعمل، من خلال توفير فرص العمل المهني للعديد من النساء، والعمل الأكاديمي لصاحبات الشهادات العلمية المختلفة.
تؤمن بعض المجتمعات المُتسلطة بأن عمل المرأة يُعتبر عيباً أخلاقيّاً واجتماعيّاً، وتمنع منعاً باتاً اختلاطها بالرجل. أسباب تُعزى إلى العادات والتقاليد التي تؤمن بأن دور المرأة يقتصر على العمل داخل حدود المنزل وتربية الأولاد وإعداد الطعام للأسرة والزوج، على أن يتولى الرجل مسؤولية إعالة الأسرة مادياً وتوفير كافة مستلزمات الحياة.
هناك ذعر حقيقي من استقلال المرأة مادياً، خوفاً من زيادة قوتها وتمكنها وتحررها من الرجل، وللحفاظ على خضوعها له. ظلم وإجحاف قانون العمل في بعض البلدان، والذي يُعطي المرأة حقوقاً أقل من حيث الراتب وتقلد المناصب وإجازات الأمومة وغيرها. هناك أسباب متعلقة بالمرأة نفسها، والتي تتمثل في الخوف من العنوسة، وذلك من منطلق أن بعض الرجال لا يفضلون المرأة العاملة.
تنبع أهمية عمل المرأة من تحقيق ذاتها وبناء كيان خاص بها في المجتمع، كما ويجعل منها عنصراً فعالاً فيه من شأنه أن يؤثر بشكل إيجابي في بناء المؤسسات والمنظمات، حيث تشارك بأفكارها وبمجهودها العقلي والبدني وتضيف لميدان الأعمال المختلفة فورقات واضحة إلى جانب الرجل الذي تكون عوناً له في هذه الأعمال. يُساعد على استقلال المرأة مادياً، ويقي من تبعيّتها للآخرين، حيث إنّ سكوت معظم النساء عن حالات الاضطهاد المختلفة بسبب حاجتهن للمال، كما أن الاستقلالية المادية من شأنها أن توفر للنساء القدرة على اتخاذ القرارات بكل حرية، تكون عوناً لزوجها في تأمين كافة مستلزمات الحياة والعيش بصورة كريمة، دون الحاجة للآخرين، وتجنب الوقوع بمشاكل الفقر..
بقلم: عمر دغوغي الإدريسي
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.