في خضم التفاعل مع المقال الذي تناول قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، وما تم تقديمه من خلاصات مفادها أن الرئيس السابق لجماعة أيت سيدي داود، لحسن السرغيني، فقد أهليته الانتخابية بعد تأييد عزله، تبرز الحاجة المهنية إلى توضيح دقيق، يضع الحكم في سياقه القانوني الصحيح، ويُميز بين العزل الإداري والإقصاء الانتخابي.
فالحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية يوم الإثنين لا يتعلق بإسقاط الأهلية الانتخابية للسرغيني، وإنما يتعلق حصراً بالطعن الذي تقدّم به ضد قرار عامل إقليم الحوز القاضي بعزله من رئاسة الجماعة. هذا التوضيح يكتسي أهمية خاصة لأن الترويج لفقدانه الأهلية لمدة ولايتين متتاليتين يوحي بوجود حكم قضائي نهائي في هذا الشأن، بينما الواقع القانوني لا يُعطي لهذا الطرح أي سند إلى حدود الساعة.
ويُفترض قانوناً أن البت في مسألة الأهلية الانتخابية يتم عبر مسطرة جنحية خاصة، وليست من اختصاص القضاء الإداري. وبالتالي، فإن أي حديث عن إقصاء انتخابي يبقى غير مؤسس من الناحية الإجرائية، ويُصنَّف ضمن التقديرات التي تفتقر إلى الحُكم القطعي.
الأهم من ذلك، أن لحسن السرغيني سبق له أن سلك مسطرة الطعن ضد الحكم الاستئنافي الذي استند عليه عامل الحوز لإصدار قرار العزل، وقد نجح في إقناع محكمة النقض بعدم مشروعية ذلك الحكم، وهو ما أكدته هذه الأخيرة في قرارها عدد 13/257 بتاريخ 9 أبريل 2025، حيث قضت بإبطاله وأمرت بإحالة الملف على هيئة جديدة للبت فيه من جديد.
هذا التطور يُعيد خلط الأوراق من جديد، ويجعل الوضع القانوني للسرغيني مفتوحاً على كل الاحتمالات. كما يكشف عن هشاشة بعض المسارات القانونية التي تتقاطع فيها حسابات التدبير المحلي مع تعقيدات الطعون الإدارية والجنحية.
وعليه، فإن المعركة القانونية حول أهلية السرغيني ما تزال مستمرة، وتستوجب تتبعاً دقيقاً لما ستسفر عنه المرحلة المقبلة أمام هيئة جديدة. أما القطع بمصيره الانتخابي في هذه المرحلة، فليس سوى قراءة متسرعة لقرار لا يحمل في مضمونه ما يدعو إلى ذلك الجزم.
وفي انتظار ما ستقرره الهيئات القضائية المختصة، تبقى كل السيناريوهات واردة، من التثبيت النهائي للعزل، إلى احتمال إعادة النظر فيه، مع ما لذلك من تأثير مباشر على مستقبله السياسي داخل الإقليم. وسنعود لاحقاً بتفصيل أدق حين تنكشف معالم المرحلة القادمة من هذا الملف المعقد.
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.