الشوبي يسلم الروح إلى بارئها بعد صراع مع المرض 

منار الطوسي 

استيقظ صباح اليوم الجمعة 02 ماي 2025، الوسط الفني المغربي على خبر وفاة الفنان والممثل المغربي محمد الشوبي عن عمر يناهز 62 سنة، بعد صراع طويل مع مرض الكبد لم ينفع معه علاج.

وخلف خبر وفاة الشوبي حزنا كبير في قلوب أصدقائه ومحبيه حيث امتلأت منصات التواصل برسائل الوداع والتعزية من زملائه ومحبيه، الذين عبّروا عن ألم الفقد وقدموا المواساة لأسرته الصغيرة وجمهوره الكبير.

وُلد محمد الشوبي سنة 1963 في مدينة مراكش، وسط بيئة زاخرة بالموروث الشعبي والفن المحلي. بدأ أولى خطواته على خشبة مسرح الهواة في سبعينيات القرن الماضي، قبل أن يلتحق سنة 1988 بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي في الرباط، وهو ما شكل نقطة تحول فتحت أمامه أبواب المسرح الاحترافي بكل تحدياته وآفاقه.

ورغم استقراره في وظيفة عمومية بضواحي مدينة آسفي، لم يتردد الشوبي في تقديم استقالته والتفرغ للفن، إذ كان يؤمن بأن الإبداع يتطلب حضورًا كليًا لا يساوم.

لم يكتف الراحل بأداء الأدوار، بل حمل همّ المثقف المنخرط في قضايا مجتمعه، وكتب نصوصًا ومقالات وتحليلات فنية، وشارك في ندوات وملتقيات ثقافية. تأثر منذ بداياته بمسرحيات موليير، واحتفظ طيلة مسيرته بزاوية نظر نقدية مستقلة، عُرف من خلالها بمواقفه الصريحة وغير المنحازة.

الشوبي لم يكن فقط ممثلاً، بل كان شخصية تفاعلت مع قضايا الوطن والهوية والعدالة الثقافية، وكان دائم الانخراط في النقاشات العامة، معبّرا عن آرائه بجرأة ومسؤولية، ما منحه احترامًا خاصًا بين المثقفين والإعلاميين.

على خشبة المسرح، جسد الشوبي شخصيات متعددة في أعمال مثل “العازب” لجمال الدين الدخيسي، “صوت ونور” للطيب الصديقي (1988)، و”أولاد البلاد” و”بوحفنة” ليوسف فاضل، و”النشبة” لمسعود بوحسين عن نص لأحمد الطيب لعلج. كما وقع على تجارب إخراجية مميزة أواخر التسعينيات مثل “هيستيريا” و”المدينة والبحر” و”مرتجل” و”رسائل خطية”.

دخل محمد الشوبي عالم التلفزيون من بوابة مسلسل “أولاد الناس” مع المخرجة فريدة بورقية، ليواصل مسيرته في عدد من الأعمال المتنوعة، من بينها “مسحوق الشيطان”، “سيدة الفجر”، “علام الخيل”، و”محمد الحياني”. كما شارك مؤخراً في أعمال مثل “مول لمليح”، “هاينة”، “دار الغزلان”، و”فوق السلك” (2024).

وفي السينما، شارك في أفلام بارزة مثل “موت للبيع”، “ألف شهر”، “ملاك”، “جوق العميين”، “دقات القدر”، “السمفونية المغربية”، و”Andalous Mon Amour”. وتميز أداؤه دائمًا بصدق التعبير وعمق الإحساس، ما جعل منه ممثلاً مفضلًا لدى النقاد والجمهور، وتُوّج تكريمه بمهرجان الفيلم الوطني بطنجة عام 2024.

رغم ظروفه الصحية الصعبة في السنوات الأخيرة، حافظ الشوبي على تواصله مع جمهوره عبر وسائل التواصل، وكان آخر ظهور له من خلال فيلم الممثلة، الذي يُعرض حالياً في القاعات السينمائية، ليغادر الحياة وهو لا يزال يطل على جمهوره من شاشة الفن.