كانت إيران تعرف جيدا آلية تنفيذ خطتها من خلال أبناء الدول المراد المساس بها، ونجحت في ذلك باستخدام أيدٍ محلية تحارب بالنيابة ، أو كما يصنفها السياسيون «أذناب»، وهي جماعات وميليشيات تشكلت بعد قيام الثورة الإيرانية، بسنوات وكان لها دور بارز في تلك المرحلة وتحديدا في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، في استقطاب وتجنيد المدنيين من الشيعة، في بعض دول الخليج، ولبنان، واليمن، والعراق.
هذا كان في المرحلة الأولى، وبعد أن تقوت هذه الميليشيات والأحزاب، بدأت في تنفيذ ما تؤمر به، بعد أن قدمت لها إيران الدعم المالي والعسكري واللوجيستي، الذي يمكنها من القيام بأعمال عسكرية مباشرة ضد حكومات بلدانهم، وهو ما حدث في الحالة اليمنية، إذ لم تكتفِ بالدعم المالي والعتاد، فأرسلت مع قيام الثورة الشبابية الخبراء العسكريين، وأصدرت أوامرها لـ«حزب الله» بدفع قيادات عسكرية لتدريب اتباع الحوثيين بشكل سري وفي مواقع تحددها الميليشيا على الأراضي اليمنية.
في هذه الأثناء سارعت ايران، بإرسال كميات كبيرة من الأسلحة والخبراء لتدريب أتباع الحوثيين على استخدام الأسلحة الثقيلة، وفي تلك الفترة وتحديدا في عام 2011 كان اليمن والمنطقة العربية عموما تعيش مرحلة حرجة من الصراعات الداخلية والتدخلات، ولعل ذلك سهل لقادة طهران إرسال ما يمكن إرساله قبل انطلاق «عاصفة الحزم» التي حدت من التدخل وفرضت حصار بحريا على السفن المتجهة للموانئ اليمنية، كما تبين بحسب التحقيقات التي أجريت من قبل الحكومة اليمنية أن «حزب الله» استغل هذه الظروف وبدأ يتوافد من القرن الأفريقي ومن ثم إلى قلب صنعاء، كما أن هذا الحزب لم يصنف في تلك الفترة من الدول العربية كمنظمة إرهابية.
وقبل وصول هؤلاء الخبراء من لبنان، وإيران، وفرت ميليشيا الحوثيين بعد أن تسلمت أموالا طائلة من طهران لم يفصح عنها، إلا أن مصادر عسكرية أكدت أنها تلقت في تلك الفترة ما يزيد على مليار دولار، المكان الآمن بعد أن شرعت في شراء مساحات شاسعة من الأراضي والممتلكات في كل المدن وتحديدا إقليم تهامة، نقطة الانطلاق ومنفذ الجماعة الرئيسي على البحر الأحمر، مع ضرورة دمج أفراد الميليشيا وتوطينهم في الإقليم بشكل كبير، تمهيدا للسيطرة على القوة الاقتصادية ومن ثم العسكرية في وقت لاحق بحسب الخطة التي تلقتها الجماعة.
تلك المواقع وفرت المكان الآمن لتدريب أتباع الميليشيا على الأعمال العسكرية، وتصنيع المتفجرات، وإخفاء السلاح في مستودعات ومساكن، تمهيدا للعملية الكبرى في مطلع 2015 وفق ما خطط له، حيث أن التدريب لم يخلُ من قيادة الطائرات الحربية، التي كان من الصعب الاستفادة منها، بعد أن نجحت قوات التحالف العربي في تدمير هذه القوة قبل استخدامها، الأمر الذي أسهم وبشكل كبير في تراجع القوة على الأرض، كما أن الميليشيا اعتمدت على ما لديها من قدرات عسكرية وفرتها في وقت سابق العاصمة الإيرانية طهران، إلا أن هذه القوة تراجعت من انتشار الجيش الوطني على الأراضي اليمنية.
ومن أبرز اعترافات الخبراء وغالبيتهم من الجنسية الإيرانية، بحسب مسؤول يمني، قيامهم بأعمال مخلة بالأمن العام للبلاد واستهدافهم لدول الجوار وتحديدا السعودية، واشتراكهم في وضع خطط واستراتيجيات لميليشيا الحوثيين، إضافة إلى جلب السلاح الذي سيستخدم في تنفيذ الأهداف العسكرية واستهداف الشخصيات السياسية.
كما تم الكشف في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي 2015 عن تورط قيادات لبنانية منتمية إلى حزب الله وأخرى إيرانية في تهريب كميات من الأسلحة قادمة من إيران عبر السواحل الشرقية والغربية لليمن، التي جرى الكشف عنها من خلال عملية استخباراتية نفذها أفراد من المقاومة الشعبية والجيش الوطني.
وهناك أدلة تثبت مدى هذا التورط في نشر كثير من أجهزة الاتصالات اللاسلكية الإيرانية بين أفراد الميليشيا وقيادتها، والدعم المالي والعسكري الذي تلقاه الميليشيا، إضافة إلى وجود مجموعة من الخبراء الإيرانيين في بعض المناطق حيث قاموا بدعم الميليشيا في أوقات سابقة قبل انهيار الحوثيين في الآونة الأخيرة، وهذه المعلومات وما يجري رصده من القيادات الميدانية تتعامل معه الحكومة بكل احترافية، وستكون الأيام المقبلة حبلى بكثير من المفاجآت.
بقلم:أحمد زهير
اكتشاف المزيد من النهار نيوز
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.